القاهرة، مصر (CNN)– عاود معدل التضخم في مصر مساره التصاعدي خلال شهر يوليو، ليسجل التضخم السنوي 14.6% لإجمالي الجمهورية، كما سجل التضخم الأساسي السنوي- الذي يستبعد أسعار المواد غير المستقرة- نسبة 15.6% خلال الشهر ذاته، وهو أعلى مستوى له منذ 4 أعوام ونصف، وأرجع خبراء أسباب هذه الزيادة إلى تحريك أسعار البنزين والسولار وخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، مما أدى إلى تسارع معدل التضخم، والذي قد يواصل الزيادة حتى نهاية العام.
وبحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 131 نقطة لشهر يوليو، مسجلًا بذلك ارتفاعًا قدره 0.9% عن شهر يونيو، وأرجع أسباب هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار مجموعة خدمات النقل بنسبة 6.4%، كما ارتفعت أسعار السلع الأساسية حيث زادت مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 1%، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 5.2%، مجموعة الفاكهة بنسبة 7.5%، وكذلك مجموعة الدخان بنسبة 3.3%.
قال الخبير الاقتصادي هاني جنينه، إن معدل التضخم السنوي في المدن ارتفع إلى 13.6% خلال شهر يوليو من 13.2% في يونيو، ليسجل أعلى مستوى له في 3 سنوات ونصف، وذلك بسبب زيادة أسعار البنزين والسولار خلال الشهر الماضي، كما ارتفعت بعض السلع والخدمات، غير أن استقرار أسعار بعض السلع والخضروات والدواجن خفف من معدل صعود التضخم.
وبحسب البيان الرسمي لمعدل التضخم، تراجعت أسعار مجموعة الخضروات بنسبة 1.6% خلال شهر يوليو 2022 مقارنة بنفس الشهر العام الماضي، فيما ارتفع سجل قسم النقل والمواصلات بنسبة 15.4%.
أضاف جنينه، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن معدل التضخم الأساسي، والذي يعلن عنه البنك المركزي ويستبعد منه أسعار السلع المتذبذبة والمنتجات المحددة إداريًا، زاد من 14.6% في يونيو إلى 15.6% في يوليو مما يشير إلى تسارع قوي في صعود التضخم، متوقعًا استمرار تسارع معدل التضخم حتى شهر سبتمبر المقبل مدفوعًا بارتفاع أسعار البنزين والسولار والدولار، وبعدها قد يتم تطبيق متطلبات صندوق النقد الدولي بزيادة أسعار بعض السلع والخدمات مما قد يؤدي لوصول التضخم الأساسي إلى 20% بنهاية العام.
وأشار هاني جنينه، إلى دور تحريك أسعار المنتجات البترولية في صعود معدل التضخم، حيث رفع من تكلفة النقل الفردي والنقل الجماعي الخاص على المواطنين، كما ساهم زيادة سعر السولار في تكلفة نقل المنتجات على مستوى الجمهورية.
ورفعت الحكومة المصرية، خلال شهر يوليو الماضي، أسعار السولار بقيمة 50 قرشًا للمرة الأولى منذ أكتوبر عام 2019 ليصبح 7.25 جنيه للتر.
وحول تأثير معدل التضخم الأساسي على زيادة سعر الفائدة، توقع الخبير الاقتصادي، أن تتجه لجنة السياسات بالبنك المركزي المصري إلى زيادة سعر الفائدة خلال اجتماعها الأسبوع المقبل، نتيجة التضخم الأساسي لشهر يوليو، بجانب أسباب أخرى أهم منه وهي توقعات زيادة معدل التضخم خلال الأشهر المقبلة مع تطبيق زيادة في أسعار بعض الخدمات استجابةً لمتطلبات صندوق النقد الدولي، وانخفاض سعر صرف الجنيه مما قد يسبب صدمة تضخمية تتطلب من البنك المركزي الاستعداد لها في الوقت الحالي.
وقال هاني جنينه، إن البنك المركزي قد يرفع سعر الفائدة بنسبة 1% فأعلى وذلك للسيطرة على معدل التضخم، من خلال أولًا زيادة الإقبال على الاستثمار في الشهادات البنكية متغيرة العائد ووقف عمليات الدولرة، ثانيًا الحفاظ على عدم تقليل الفجوة بين الفائدة في الولايات المتحدة ومصر، حيث يتوقع أن يتجه الفيدرالي الأمريكي بزيادة سعر الفائدة 0.5-0.75% في اجتماعه المقبل، ويستهدف البنك المركزي المصري عدم خفض الفجوة في الفائدة بين السوقين، بهدف إتاحة الفرصة للمستثمر الأجنبي الذي يرغب في العودة للاستثمار في مصر، أن يكون عائد الفائدة محليًا جذاب بما يساهم في استقرار سعر الصرف.
من جانبها، قالت رانيا يعقوب عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، إن معاودة معدل التضخم في مصر مساره التصاعدي خلال شهر يوليو، جاء متوافقًا مع تحريك الحكومة المصرية أسعار المحروقات، خاصة السولار، والذي تم تثبيت سعره على مدار 30 شهرًا، ولكن نتيجة الضغوط الخارجية في ارتفاع الوقود عالميًا، اضطرت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بزيادة سعر الوقود بنسبة 7% مما انعكس على ارتفاع معدل التضخم.
وأوضحت، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن أسعار البنزين والسولار في مصر ما زالت ضمن الأرخص مقارنة بالمنطقة العربية، وما زالت الحكومة تتحمل جزءا من الدعم على أسعار المحروقات لتخفيف العبء على المواطنين، كما تحملت الضغوط العالمية التي بدأت منذ عام 2022 وتسببت في زيادة أسعار الوقود عالميًا، إلا أنه مع عدم وجود رؤية حول انتهاء هذه الأزمة العالمية اضطرت الحكومة لتحريك أسعار المنتجات البترولية تدريجيًا، وفي الوقت نفسه طبقت برامج للحماية الاجتماعية للمواطنين.
وتوقعت رانيا يعقوب، أن تتجه لجنة السياسات بالبنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة بين 1-1.5% في ظل استمرار معدل التضخم، ومواصلة تأثير تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد المصري، كما توقعت استمرار ارتفاع معدل التضخم حتى شهر سبتمبر، وبعدها يأتي هدوء نسبي خلال الربع الأخير من العام.
وتجتمع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، يوم 18 أغسطس الجاري، بعدما أبقت على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها الأخير في يونيو.