كتب ماريو بيريز، الرئيس التنفيذي لشركة مينا تيك العاملة في ألعاب الفيديو والرياضات الإلكترونية عن الرياضات الإلكترونية، مؤكداً ان طلبة الجامعات ركيزة رئيسية للارتقاء بمستوى صناعة الرياضات الإلكترونية التي أصبحت تدر الملايين من الأموال، وهنا نص المقال:

هناك فئة نشطة من الطلبة، ما إن تسنح لهم الفرصة لاقتطاع بعض الوقت بعد انتهاء محاضرة أو فصل دراسي، إلا وأسرعوا للتمتع بلعبة «دوري الأساطير» مع أصدقائهم بعيداً عن متطلبات الدراسة. لكن الأمور تغيرت الآن بالنسبة لهؤلاء الطلبة وغيرهم، فقد أدى النمو الذي حققته صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية في الآونة الأخيرة إلى فتح إمكانيات وفرص مهنية جديدة لهم، وتحويل شغفهم إلى فرصة عمل.

وفقاً لتقديرات منصة «نيو زو» (Newzoo)، بلغ إجمالي إيرادات صناعة الرياضات الإلكترونية في عام 2021 وحده 833.6 مليون دولار أمريكي بفضل زيادة عدد الوظائف في هذه الصناعة والدورات الجامعية والفرص المرتبطة بها، مما يجعلها واحدة من أسرع القطاعات نمواً وتشجيعاً للراغبين بالالتحاق بوظيفة فيها.

وعلى الصعيد العالمي، يشكل حوالي 3 مليارات لاعب، قوة كبيرة لتحفيز نمو وازدهار سوق الألعاب. عندما نقوم بتحليل الوضع الحالي لصناعة الرياضات الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نرى أن القطاع قد شهد نمواً أسرع في هذه المنطقة من أي منطقة أخرى. تشير تقديرات «نيو زو» أيضاً إلى أن المنطقة تمثل 15٪ من إجمالي القطاع في العالم وأنها تضم أكثر من 434 مليون لاعب في السنوات الخمس المقبلة.

شهدنا مؤخراً هذا النمو الاستثنائي خلال منافسة «جامعة أمازون للرياضات الإلكترونية». حظي الموسم الأخير بنجاح باهر حيث ضم لاعبين يمثلون حوالي 170 جامعة و 1,700 فريق وأكثر من 8,600 لاعب من الإمارات والسعودية ومصر والمغرب تنافسوا منذ شهر نوفمبر 2021 للوصول إلى النسخة الأولى من دوري جامعة أمازون للرياضات الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

الفرص

لا شكّ أنّ أسهل طريق للتميز والنجاح في الرياضات الإلكترونية هي أن تكون الأفضل في لعبة معينة، مع استعداد الفرق لتوقيع عقد مع اللاعبين لتمثيلهم في البطولات الحية على أرض الواقع والبطولات أونلاين. بالإضافة إلى ميزات هذا الأمر ورغبة الكثيرين في تحقيقه، تقدم الصناعة مجموعة كاملة من المهن الأخرى، بما في ذلك الأدوار التقنية والإبداعية المتاحة لعشاق الألعاب والرياضات الإلكترونية.

تتطلب الفعاليات الحية على أرض الواقع العمل مع منظمي الفعاليات والمناسبات والمخططين والمدراء، كما تحتاج إلى الإعلان والدعم من قبل الرعاة والترويج على وسائل التواصل الاجتماعي والبث والتصوير والدعم الفني، كل هذا قبل الوصول إلى اللاعبين المشاركين في المنافسة، وهو الأمر الذي يشمل اللاعبين والمدربين والمؤسسات المسؤولة عن تنظيم الفرق. يخلق كل هذا ثروة من الوظائف والفرص تشهد حالياً أعلى مستوى من النمو على الإطلاق.

ولا يتوقف الأمر هنا، إذ أن هذه الفرص متاحة أيضاً للبطولات الإلكترونية أونلاين، فنحن نعيش حالياً في عصر طغت خدمات نيتفليكس ويوتيوب وتويتش على بث التلفزيون التقليدي، مما يؤدي إلى إنشاء وسائط جديدة للمشاهدين للتفاعل مع الرياضات الإلكترونية، وهو ما ينعكس في تزايد قاعدة المشاهدين وازدهارها.

تقدّر أبحاث «فينتشور بيت» (VentureBeat) أن عدد عشاق الرياضات الإلكترونية في عام 2021 قد وصل إلى 234 مليون شخص، و 240 مشاهد عابر، وهو ما يعكس ارتفاعاً من 197 و 200.8 مليون في عام 2019، مما يسلط الضوء على النمو الهائل الذي تشهده الصناعة. وفقاً للتقديرات، ستصل هذه الأرقام إلى 285.8 مليون عاشق متحمّس و 291.6 مليون مشاهد عابر في عام 2024. ومن المتوقع أن يستمر عدد المتحمسين ومتابعي الرياضات الإلكترونية في المناطق الناشئة، والتي تشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في الارتفاع من 83.6 مليون شخص في عام 2021 إلى 95.5 مليون شخص في عام 2022.

في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد، تم تخصيص ميزانيات ومبالغ مُعتبرة لمختلف القطاعات بما في ذلك الألعاب والرياضات الإلكترونية.

ويقدم الموقع الإلكتروني «هيت ماركر» (Hitmarker)، الموقع المتخصص في صناعة الألعاب والإعلان عن قوائم الوظائف المتاحة الخاصة بالرياضات الإلكترونية، الدعم للباحثين عن وظائف وفرص في القطاع ويعزز من الوعي بهذه الصناعة المزدهرة.

الدورات والمقررات الجامعية

تدعم منظومة الرياضات الإلكترونية الجامعات من خلال تطوير دورات ومقررات ومرافق مناسبة تساعد في التركيز على اهتمامات الطلبة وتطوير مهاراتهم الأساسية وتأهيلهم لمهنة في صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية.

على سبيل المثال، تقدم مدرسة «جيمس فيرست بوينت» (GEMS FirstPoint)، أول مدرسة من نوعها في الإمارات العربية المتحدة (والشرق الأوسط)، مؤهلات (BTEC) في كل من الرياضات الإلكترونية وتصميم الألعاب الرقمية، كما تقدم الرياضات الإلكترونية كنشاط لا منهجي لجميع فئات الطلبة، بما في ذلك عقد المنافسات والبطولات بين الطلبة في المدرسة. كما تقدم المؤسسات التعليمية المختلفة، مثل جامعة ولونجونج في دبي وهيريوت وات ومعهد (SAE)، درجات علمية وشهادات في تصميم الألعاب.

تعترف الجامعات بشكل متزايد بأهمية تلقي التدريب المناسب في تطوير صناعة الرياضات الإلكترونية، وتقوم بناءً على ذلك بتصميم وتقديم دورات جديدة كل عام. تغطي هذه الدورات مجالات وتخصصات مختلفة مثل الأعمال والإدارة وإدارة الفعاليات والتسويق والصحافة والتصميم باعتبارها مهارات فريدة تتوافق مع عدد كبير من الوظائف الجديدة الناشئة في مشهد الرياضات الإلكترونية. ومع معدل النمو المطرد الذي تشهده الصناعة، فمن المؤكد أن عدد هذه الوظائف سيرتفع أكثر وأكثر.

مسؤولية توفير الفرص لطلبة الجامعات ليست حصراً على صناعة الرياضات الإلكترونية، ولكنها تمتد لتشمل المنظومة الجامعية لتقديم أعلى مستوى من التعليم والتدريب بما يعزز من اندماج المواهب الجديدة في منظومة العمل في مجال الرياضات الإلكترونية.

ولتحقيق التطوير ونمو صناعة الرياضات الإلكترونية الآن وفي المستقبل علينا مساندة طلبة الجامعات والإيمان بمواهبهم، والاستعداد لابتكار الدورات والمعدات والفرص لدعمهم في كل خطوة على الطريق لمساعدتهم في تحويل هوايتهم إلى وظائف مستقبلية.

وأخيراً، من شأن زيادة وعي المجتمع بمجموعة الفرص والوظائف الممكنة في قطاع الرياضات الإلكترونية أن يفتح عيون الجيل القادم ويغذي فضولهم ليصبحوا ركائز الصناعة وقوة دافعة لنموها السريع. علينا العمل على تشجيع الطلبة وحثّهم على أخذ زمام المبادرة، كما ينبغي على الجامعات ومحترفي الرياضات الإلكترونية تقديم أفضل مساعدة ممكنة للترحيب بالجيل الجديد لتعزيز ازدهار صناعة الرياضات الإلكترونية بأكملها ومساعدتها على النمو.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version