أصبحت ليز تراس زعيمة لحزب المحافظين وبريطانيا قبل أن تتسلم رئاسة الحكومة من المستقيل بوريس جونسون، لتصبح بذلك السيدة الثالثة التي تشغل هذا المنصب في «10 داوننغ ستريت» بعد مارغريت تاتشر وتيريزا ماي، ورابع رئيس للحكومة منذ الاستفتاء على «بريكست»، والخامس عشر في عهد الملكة اليزابيت الثانية المستمر منذ سبعين عاماً.

انتخاب حزب المحافظين هذه السيدة (47 عاماً) لم يكن مفاجئاً بالنظر إلى تقدمها المتراكم في استطلاعات الرأي وقدرتها الواضحة على استقطاب أعضاء حزب المحافظين، وتقديم رؤية سياسة تبدو أوضح مما كان يطرحه جونسون. فقد تعهدت تراس بسرعة معالجة أزمة تكلفة المعيشة في بريطانيا، عبر خطة للتعامل مع فواتير الطاقة المرتفعة وتوفير إمدادات مستقرة للوقود، لطمأنة المواطنين الذين يخشون ارتفاع فواتير الطاقة خلال فصل الشتاء. وربما لن تكون سياستها مختلفة جذرياً عن سلفها، ولكن يمكن أن تكون خياراتها أوضح وأكثر جرأة في تناول القضايا الشاغلة للرأي العام.

حنين إلى الماضي

وفي ظل الظروف الحالية، هناك من يعتقد أن بريطانيا بحاجة لزعيم يشبه رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، ومن الصدف أن جاءت هذه ليز تراس، التي توصف ب«التاتشرية» ولها اهتمام مبكر بشخصيتها، فعندما كانت طفلة في سن السابعة لعبت ليز تراس دور تاتشر في مسرحية مدرسية. وربما تقدم هذه المعطيات، وإن لا يعتد بها كثيراً في السياسة، شيئاً من الطمأنينية للبريطانيين الباحثين عن زعيم يمتلك القدرة على خوض معركة التحول العميق في البنية الاقتصادية للبلاد. ويرى الخبير السياسي في جامعة الملكة ماري في لندن تيم بايل أن «هناك الكثير من الحنين إلى الطريقة التي غيرت بها تاتشر البلاد، لقد سحقت النقابات وخفضت الضرائب على الأغنياء وحسنت تملك المساكن»، مشيراً إلى أنه «لا مفر من أن يراها (المحافظون) رمزاً لعصر ذهبي».

بين يمين ويسار

ولدت ليزا تراس أو «تاتشر الثانية» في 26 يوليو 1975 في مدينة أوكسفورد، ووصفت والدها أستاذ الرياضيات ووالدتها الممرضة بأنهما «يساريان»، وهذا ما ترك أثراً في مسيرتها السياسية، وعملت في مناصب وزارية مختلفة في عهد رؤساء الوزراء ديفيد كاميرون وتيريزا ماي وبوريس جونسون. التحقت تراس بكلية ميرتون- أكسفورد. وفي عام 1996 انضمت إلى حزب المحافظين، بعد عامين فقط من إلقاء خطاب في مؤتمر لحزب الديمقراطيين الليبراليين دعت فيه إلى إنهاء الملكية. وفي مرحلة متقدمة من مسيرتها شغلت تراس منصب وكيل الوزارة البرلماني لرعاية الطفولة والتعليم من 2012 إلى 2014، قبل تعيينها في مجلس الوزراء في عهد كاميرون كوزيرة دولة للبيئة والغذاء والشؤون الريفِيْة فِيْ تعديل وزاري عام 2014. أما حياتها الشخصية، فقد تزوجت من المحاسب هِيْو أوليري عام 2000 ولديهما ابنتان. ولتعدد مواقفها ومراوحتها بين اليمين واليسار وصفها الإعلام البريطاني بأنها «حرباء سياسية» مع تاريخ من الآراء المتغيرة، ومنها تزعمها الجناح اليميني في حزب المحافظين المشكك في أوروبا والراغب في «بريكست» مهما كان الثمن. ولكن بعد عقود من التحول شهدت تغيراً هائلاً في وجهات نظرها الشخصية، سيتساءل الكثيرون عما ستمثله زعيمة بريطانيا الجديدة بالضبط.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version