تعهد الملك تشارلز الثالث، بأن يحذو حذو والدته الراحلة الملكة إليزابيث الثانية، وأن يعمل من أجل السلام في إيرلندا الشمالية، وذلك في أول تصريحات له بعيد وصوله إلى بلفاست. وتشكل إيرلندا الشمالية المحطة الأكثر حساسية في الجولة التي باشرها الملك الجديد في الأقاليم الأربعة التي تتألف منها المملكة المتحدة. فزار الاثنين البرلمان البريطاني في لندن ومن ثم البرلمان في إدنبرة قبل أن يتوجه الجمعة إلى كارديف في ويلز.

وقاد الملك تشارلز سيارته في الشوارع، التي تصطف على جانبيها الحشود في هيلزبورو، ثم نزل من سيارته ليصافح المشيعين الذين رددوا هتاف «حفظ الله الملك». وتحدث الملك تشارلز مع قادة إيرلندا الشمالية السياسيين، خلال مراسم تكريم أقيمت بقلعة هيلزبورو في جنوب بلفاست. وكان منهم أعضاء بأحزاب قومية يريدون استقلال إيرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة، وأن تصبح جزءاً من جمهورية إيرلندا. وقال الملك الجديد إنه سيقتدي «بالمثال الناصع» لوالدته، وسيسعى لرفاه الجميع في إيرلندا الشمالية.

وحضر بعد ذلك قداساً أنغليكانياً في بلفاست، شارك فيه البروتستانت والكاثوليك وكذلك القادة الإيرلنديون الرئيسيون. وسبق أن قاطعت نائبة رئيس الحزب الجمهوري الإيرلندي (شين فين) ميشال أونيل الإعلان الرسمي لتشارلز الثالث ملكاً في هيلزبورو، لكن قادة الحزب التقوا الملك الجديد مع السياسيين الآخرين وحضروا قداس الكنيسة لتكريم الملكة، وتعبيراً عن الاحترام للوحدويين. وتحدث الملك تشارلز أيضا عن مقتل عمه اللورد مونتباتن، الذي كان مقرباً جداً منه، في إيرلندا على يد الجيش الجمهوري الإيرلندي في عام 1979، قائلاً إن الموت جعله يدرك بعمق الآلام التي تحمَّلها العديد من الناس في البلاد.

من جهته، أشاد رئيس الجمعية الإيرلندية الشمالية، وهو إيرلندي قومي، في رسالة تعزية للملك تشارلز الثالث بدور الملكة إليزابيث الثانية في عملية السلام. وقال أليكس ماسكي، العضو حزب «شين فين»، ضمن المراسم في بلفاست إن قدوة الملكة ساعدت في «كسر الحواجز وتشجيع المصالحة» في إيرلندا الشمالية.

والاثنين، قالت ميشال أونيل، نائبة رئيس الحزب الجمهوري الإيرلندي (شين فين)، خلال جلسة خاصة أمام برلمان المقاطعة: «أعترف أنها كانت زعيمة شجاعة ومحبة». كما رحبت ب«المساهمة الكبيرة التي قدمتها الملكة إليزابيث في دفع عجلة السلام والمصالحة بين التقاليد المختلفة لجزيرتنا وبين إيرلندا وبريطانيا خلال سنوات عملية السلام».

وتثير الملكية البريطانية مشاعر متباينة في إيرلندا الشمالية، يعتبر البروتستانت الموالون للاتحاد أنفسهم بريطانيين، بينما يعتبر الكاثوليك القوميون أنفسهم إيرلنديين. وأججت الانقسامات السياسية والدينية ثلاثة عقود من العنف، تورطت فيها جماعات شبه عسكرية من الطرفين وقوات الأمن البريطانية وقُتل فيها 3600 شخص. وزارت إليزابيث الثانية بصفتها ملكة، إيرلندا 22 مرة، ولعبت دوراً في عملية السلام بعد اتفاق 1998 الذي أنهى 30 عاماً من إراقة الدماء.​

واعتلى تشارلز الثالث العرش في مرحلة دقيقة جداً مع توترات في إيرلندا الشمالية ومنحى استقلالي في اسكتلندا وتضخم جامح ينهك القدرة الشرائية. وتعاني البلاد كذلك أزمة اجتماعية وسياسة، فيما تولت رئيسة وزراء جديدة السلطة قبل أيام قليلة. وقد يواجه الملك على الأرجح مطالب من بعض الدول الأربع عشرة التي لا يزال رئيساً للبلاد فيها (وتشمل أستراليا والبهاماس وكندا ونيوزيلندا وجاماكيا) التي قد تريد إقامة نظام جمهوري مع اعتلاء ملك جديد العرش. (وكالات)

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version