القاهرة، مصر (CNN)– ألزمت الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية، شركات التأمين بحث العملاء على إعادة تقدير مبالغ التأمين للأصول المؤمن عليها بما يتناسب مع القيم السوقية الحالية لها، وذلك بسبب شكاوى العملاء من انخفاض مبالغ التعويضات المسددة لها عند تحقق الخطر.

ويرى مسؤولون أهمية قرار الهيئة في ظل تغير القيمة السوقية للأصول المؤمن عليها بصورة لافتة بسبب ارتفاع التضخم وانخفاض سعر الجنيه.

وتسبب انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنسبة أكثر من 20% منذ شهر مارس/ آذار الماضي ليصل إلى مستوى 19.38 جنيه للشراء، و19.48 جنيه للبيع في البنك المركزي المصري، يوم الثلاثاء، وارتفاع معدل التضخم السنوي في المدن إلى 14.6% خلال شهر أغسطس/ آب الماضي، وهو أعلى مستوى في 4 سنوات، إلى اختلاف القيمة السوقية للأصول المؤمن عليها.

وقال علاء الزهيري رئيس الاتحاد المصري للتأمين، إن ارتفاع معدل التضخم وانخفاض سعر صرف الجنيه تسبب في تغيير قيمة الأصول المؤمن عليها مما يتطلب ضرورة إعادة تقدير قيم مبالغ التأمين لهذه الأصول لتتناسب مع القيمة السوقية الحالية، وذلك حتى يتجنب العملاء تطبيق شرط النسبية عند الحصول على التعويض، مدللا على حديثه بالارتفاع المستمر في أسعار السيارات في السوق المحلي، مما يؤدي إلى تغير قيمتها السوقية وبالتالي يتطلب من العملاء ضرورة إعادة قيمة مبلغ التأمين بزيادته ليتناسب مع القيمة السوقية الجديدة للسيارة حتى يتجنب تطبيق شرط النسبية عند حدوث الضرر.

وتضع شركات التأمين، شرط النسبية بوثائق التأمين على الممتلكات، ويطبق هذا الشرط إذا كانت قيمة الممتلكات المؤمن عليها مجتمعة عند وقوع الخطر المؤمن منه تفوق المبلغ المؤمن به، عندها يعتبر العميل بمثابة المؤمن لذاته بالنسبة للفرق بين القيمتين، ويتحمل تبعا لذلك نصيبه النسبي من الخسارة (جزئيا أو كليا) ويخضع كل بند من بنود الوثيقة على حدا في حال تعددها لمضمون شرط النسبية.

وأضاف زهيري، فى تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن أثر شرط النسبية يظهر بصورة أكبر في وثائق التأمين للأصول الضخمة مثل معدات المصانع المستوردة من الخارج، فمثلا بعض المعدات تم استيرادها من الخارج عندما كان سعر صرف الدولار 15 جنيها، واليوم بعدما تجاوز 19 جنيها يتطلب ضرورة إعادة تقدير قيمة الأصول ومن ثم تعديل مبالغ التأمين عليها، وهو ما دفع هيئة الرقابة المالية إلى مطالبة شركات التأمين بضرورة إعادة تقدير قيم الأصول المؤمن عليها ومبالغ التأمين بما يتناسب مع القيم السوقية.

وأشار رئيس الاتحاد المصري للتأمين إلى أن سوق التأمين المصري سبق أن واجه نفس التحدي عند تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016، ووقتها أصدر الاتحاد بيانات في الصحف، وخاطبت شركات التأمين عملائها بضرورة تعديل قيم الأصول المؤمن عليها، وتم تكرار نفس الخطوات عند انخفاض سعر الجنيه منذ مارس الماضي، إلا أن بعض العملاء لم يستجيبوا لذلك وتسبب في حدوث مشاكل بين شركات التأمين والعملاء.

وتستهدف هيئة الرقابة المالية من تطبيق القرار، التأكد من كفاية ومناسبة قيمة الأصل المؤمن عليه مع مبلغ التأمين بالوثيقة وذلك لضمان تغطية قيمة الأصل المؤمن عليه في حال تحقق الخطر، وذلك حماية لحقوق المتعاملين وكذلك سلامة واستقرار التعاملات داخل المنظومة التأمينية وتجنب حدوث أية مخاطر للعملاء أو شركات التأمين، مواكبة لكافة التغيرات الاقتصادية التي تطرأ على الأسواق وتؤثر على قيم الأصول محل التأمين، حسبما ورد في بيان الهيئة.

وقال علاء الزهيري، إن عملية إعادة التقييم للأصول والممتلكات سيتم على وثائق تأمين الممتلكات فقط ولا يشمل وثائق تأمينات الحياة أو التأمين الطبي، مضيفًا أنه ليس هناك متوسط لنسبة الزيادة في تقييم الأصول، والتي تتم من قبل خبراء مختصين، وتختلف من أصل لآخر، فمثلا معدات المصانع المصنعة محليا قد ترتفع بنسبة أقل من المعدات المستوردة من الخارج.

وحدد الزهيري، أبرز الأصول التي تغيرت قيمتها السوقية خلال الفترة الماضية، وعلى رأسها السيارات، تليها معدات المصانع، ثم المباني، والتي تغيرت قيمتها السوقية بشكل لافت بعد ارتفاع أسعار مواد البناء مما يرفع من قيمة أصل المبنى بنسبة كبيرة، مضيفا أنه رغم أخطار عدم تغيير القيمة السوقية للأصول في وثائق التأمين إلا أن أغلب العملاء لا يستجيبون لتعديل مبالغ التأمين.

وبحسب بيان هيئة الرقابة المالية، فإنها تلقت شكاوى عديدة من العملاء مؤخرا بسبب انخفاض مبالغ التعويضات المسددة لهم عند تحقق الخطر نتيجة قيام الشركات بتطبيق شرط النسبية لعدم تناسب مبالغ التأمين مع القيم السوقية للأصول موضوع التأمين وقت المطالبة، لاسيما في ظل التطورات والمتغيرات الاقتصادية الكلية وما ترتب عليها من زيادة في الأسعار وارتفاع في القيم الحالية للأصول المؤمن عليها.

وقال الدكتور عادل منير الأمين العام للاتحاد الأفرو آسيوي للتأمين وإعادة التأمين، إن هيئة الرقابة المالية أصدرت كتابا دوريا لحث شركات التأمين على مطالبة عملائها بضرورة إعادة تقدير قيم الأصول المؤمن عليها، والتي شهدت زيادة ملحوظة خلال الفترة الماضية، وذلك في إطار دور الهيئة التوعوي لحملة الوثائق، وتجنب حدوث مشاكل بين العملاء وشركات التأمين.

وأضاف منير، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن التغير في قيم الأصول يختلف من أصل إلى آخر إلا أنه لن يقل عن نسبة زيادة 30-50%، وأبرز هذه الأصول هي السيارات، ومعدات وماكينات المصانع، والسفن، والمنازل كذلك لا بد من إعادة تقديرها مع القيمة السوقية الجديدة، مشيرًا إلى أن الدور الأكبر على شركات ووسطاء التأمين لتوعية العملاء بضرورة إعادة تقدير قيم الأصول المؤمن عليها ومبالغ التأمين.

وأشار عادل منير، إلى الأضرار التي ستقع على عملاء التأمين حال استمرار مبالغ التأمين دون تعديل، حيث سيتم صرف التعويض بناءً على القيمة السوقية للأصل وقت إصدار الوثيقة، وهو ما لا يتناسب مع القيمة السوقية الحالية للأصل.

وارتفعت الأقساط المحصلة لتأمينات الممتلكات والمسئوليات في مصر لتصل إلى 27.8 مليار جنيه (1.43 مليار دولار) خلال النصف الأول من عام 2022 بنسبة نمو 13.1%، وزادت إجمالي التعويضات المسددة من شركات التأمين إلى 12.9 مليار جنيه (663.6 مليون دولار) خلال نفس الفترة بنسبة نمو 15%، بحسب بيانات الهيئة العامة للرقابة المالية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version