دعت دولة الإمارات خلال اجتماع مجلس الأمن بشأن تمويل الجماعات المسلحة والإرهابيين، إلى محاسبة الأفراد والجماعات الإرهابية وغيرها من الجهات المتواطئة في عمليات الاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية التي من المفروض توظيفها لخدمة المجتمعات، مؤكدة التزامها بمواصلة العمل عن كثب مع الأعضاء الآخرين في المجلس، لمعالجة التحديات التي تقف أمام السلام والاستقرار والازدهار في إفريقيا.

وقال الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة، في جلسة لمجلس الأمن، الخميس، إن الإمارات تعرب عن بالغ قلقها إزاء التداعيات الناجمة عن الاستغلال غير الشرعي للثروات والموارد الطبيعية على حياة الشعوب، والتي من المفترض أن تكون المنتفع الأول من هذه الموارد؛ إذ تسببت عمليات نهبها من قبل الجماعات المسلحة وشبكات الجريمة المنظمة، والجماعات الإرهابية العابرة للحدود في خلق مستويات غير مسبوقة من العنف، وحرمان مجتمعات بأكملها من التمتع بحقوقها الأساسية، والشعور بالأمان والرخاء الاقتصادي، لتتحول هذه النعمة إلى نقمة حقيقية.

استغلال غير شرعي

وقال وزير الدولة إن الاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية يعتبر تحدياً ذا تاريخ طويل من الآثار السلبية على السلم والأمن، سواء في إفريقيا أو في مناطق أخرى من العالم. وأكد أنه «وفقاً للأمم المتحدة، تسبب استغلال الموارد الطبيعية في تأجيج 18 نزاعاً عنيفاً على الأقل منذ عام 1990. ونحن لا نبالغ حقيقة عند وصف حجم التحدي القائم أمامنا، فالمعضلة لا تقف عند الطابع غير القانوني لاستغلال الموارد الطبيعية؛ بل تمتد إلى الوسائل الفاسدة والطرق غير المتكافئة التي تتم بها عملية توزيع العائدات، والتي تؤثر سلباً في نمو المجتمعات وجهود تنميتها. كما أصبح الاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية بمثابة شريان يُغذي أنشطة الجماعات الإرهابية والمسلحة التي تستخدم إيرادات هذه الموارد لتمويل عملياتها، وبسط سيطرتها على حساب الشعوب والدول التي من المفترض أن تكون المستفيد من هذه الموارد».

مشكلة عابرة للحدود

وأكد الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، أن هذه المشكلة تتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية لتطال أيضاً الدول التي تعمل كمركز لمعالجة المواد الخام والتجارة بها، والدول المتقدمة التي تستهلك وتزيد الطلب على الموارد الطبيعية، وجميع الدول التي يتعرض أمنها للتهديدات العابرة للحدود التي تشكّلها الجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة. وإضافة إلى هذه العواقب، يؤدي الاستغلال غير المسؤول للموارد والممارسات غير المستدامة لهذه الجماعات إلى تدهور بيئي يتسبب في تفاقم أحد أصعب وأخطر التحديات العالمية لهذا العصر، وهو تغير المناخ، فهناك علاقة، بما لا يدع مجالاً للشك، بين الاستغلال غير القانوني للموارد وتغير المناخ وانتشار الإرهاب.

ونوّه وزير الدولة، في هذا السياق، باستمرار ظهور مؤشرات في أرجاء إفريقيا وخارجها، تدل على قيام الجماعات الإرهابية العابرة للحدود بتنويع مصادر إيراداتها عبر المشاركة في عمليات الاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية وتهريبها، مستغلة عدم وجود تصور كافٍ لدى المجتمع الدولي حول الصلة المتنامية بين الاستخدام غير الشرعي للموارد الطبيعية وتمويل الإرهاب، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي أصبحت فيه الجماعات الإرهابية تستخدم المزيد من التقنيات الجديدة والناشئة لتحقيق مآربها، تواجه الأطر التنظيمية الراهنة صعوبة في مواكبة هذه التطورات، الأمر الذي قد يحول دون تحقيقها النتائج المرجوة.

ضرورة المحاسبة

وبناء على ذلك، أكد الشيخ شخبوط بن نهيان، أن الإمارات تدعو المجتمع الدولي إلى محاسبة جميع الأفراد والكيانات، والجماعات الإرهابية والشركات وغيرها من الجهات المتواطئة في عمليات الاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية. كما تدعو كذلك، إلى عدم التهاون في الجهود المشتركة للحيلولة دون استخدام إيرادات الموارد الطبيعية لقتل الأبرياء، بما في ذلك النساء والأطفال، و«أن نضمن بدلاً من ذلك توظيف هذه الإيرادات لخدمة المجتمعات في أرجاء القارة والنهوض بها، وتنميتها ودعم أمنها واستقرارها».

وحثّ وزير الدولة على وجوب أن يظل مجلس الأمن على أهبة الاستعداد لاستخدام مختلف الأدوات المتاحة لمواجهة الاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية حين يطال السلم والأمن الدوليين، من خلال العقوبات وولايات حفظ السلام.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version