يتطلع المزارعون في المغرب لتحسين أوضاعهم المادية بعد تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات مشروعة حيز التنفيذ.

وأصدرت الوكالة المغربية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، قبل أيام أول 10 تصاريح لاستخدام (القنب) في الصناعة والطب والتصدير، تطبيقا لقانون صدر العام الماضي. وقالت الوكالة إنه سيتم السماح للمزارعين الذين ينظمون في تعاونيات في المناطق الجبلية الشمالية بالحسيمة وتاونات وشفشاون بزراعة القنب الهندي بشكل تدريجي لتلبية احتياجات السوق القانونية.

وفي حقول قرية أزيلا الواقعة عند سفح جبل تدغين بمنطقة الريف شمال المغرب التي تغطيها نبتة القنب الهندي الجاهزة للحصاد تقول المزارعة سعاد (اسم مستعار) “ما نزال متشبثين بهذه الزراعة، رغم أنها لم تعد توفر لنا شيئا”.

وتضيف “لم يعد يرغب فيها أحد”، حيث يواجه القنب الهندي منافسة نظيره الذي يزرع في أوروبا على الخصوص، ويعتبر أجود.

وتأسف الأرملة الستينية التي لا تزال تساعد أبناءها في حرث الحقل العائلي على “سنوات الرخاء”. لكنها تعلق آمالا عريضة على تقنين هذه الزراعة للخروج من الهشاشة.

وتبنى المغرب العام الماضي قانونا يبيح زراعة القنب الهندي لاستعمالات صناعية وطبية، بينما تعمل السلطات في نفس الوقت على تضييق المنافذ على التجارة المربحة لتهريب الحشيشة نحو أوروبا خصوصا.

ما يزال مشروع التقنين المعقد في خطواته الأولى، لكنه يحمل هدفا طموحا يتمثل في محاربة مهربي المخدرات والتموضع في السوق العالمي للاستعمالات المشروعة للنبتة الخضراء.

تسعى الحكومة أيضا إلى إنماء منطقة الريف الجبلية الهامشية اقتصاديا، التي ظلت معقلا لزراعة القنب الهندي منذ قرون. حتى عندما منعت هذه الزراعة قانونيا منذ 1954. ويعيش منها نحو نصف مليون شخص، وفق تقديرات رسمية.

الحلقة الأضعف

شهد سوق القنب الهندي في الفترة الأخيرة “انهيارا حادا، لم يبق لنا سوى السجن”، كما يقول المزارع كريم (اسم مستعار).

لم يتمكن هذا المزارع من استغلال سوى جزء صغير من الحقل العائلي في قرية أزيلا هذا العام، “بسبب ضعف الطلب والجفاف” الاستثنائي الذي ضرب المغرب.

وتراجعت المداخيل السنوية لزراعة القنب الهندي من نحو 500 مليون يورو بداية سنوات الألفين إلى أقل من 325 مليون يورو في العام 2020، وفق دراسة لوزارة الداخلية نشرت العام الماضي.

القنب الهندي في المغرب

القنب الهندي في المغرب

يرى المزارعون أنفسهم “الحلقة الأضعف” في سلسلة هذه التجارة غير القانونية، كما يقول مزارع أربعيني يبدو الإنهاك على محياه، مضيفا “نحن من يؤدي الثمن، لكن التقنين يمكن أن يكون مخرجا بالنسبة إلينا”.

فبالإضافة إلى خطر الملاحقة القضائية والسجن لا يجني المزارعون سوى قرابة “4% من رقم تعاملات السوق غير القانونية”، بينما يتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى نحو “12% في السوق القانونية”، بحسب تقديرات رسمية نشرت في 2021.

وترى سعاد هي الأخرى في التقنين طوق نجاة موضحة “سيكون أمرا جيدا إذا كانوا جادين”. لكن أثار التقنين لم تظهر بعد في الميدان.

ويقول المزارع نور الدين (اسم مستعار) “لم يتغير أي شيء إلى حدود الساعة بالنسبة إلينا، ما نزال نعتبر خارج القانون أو مجرمين رغم أننا لسنا سوى مزارعين”.

من جهتها تؤكد السلطات على طمأنة المزارعين. ويقول مصدر رسمي في الرباط “يمكن أن تكون هناك مخاوف لدى المزارعين، لكن التقنين سيبددها وسيكون مفيدا بالنسبة لهم”.

الثلاثاء الماضي، أعلنت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي منح 10 تراخيص، “لممارسة أنشطة تحويل وتصنيع القنب الهندي، وكذلك تسويق وتصدير منتجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية”.

وبدأت هذه الهيئة الرسمية العمل في يونيو/حزيران، وهي التي تشرف على مراقبة كل حلقات السلسلة من الإنتاج إلى التصنيع.

تأسيس تعاونيات

وتعتقد السلطات أنه من “المهم عدم التسرع”، مؤكدة على أنه هناك “مراحل يجب احترامها”، بحسب ما أوضح المصدر الرسمي الذي تحدث لوكالة فرانس برس.

بناء على الحاجيات المرتقبة للمستثمرين الذين يتم الترخيص لهم سوف تتسلم الوكالة محاصيل القنب الهندي من المزارعين الذين يتوجب عليهم أن يؤسسوا تعاونيات.

ولا يجب أن تتجاوز المحاصيل القانونية “حدود الكميات الضرورية لتلبية حاجيات إنتاج مواد لأغراض طبية وصيدلية وصناعية”، وفق نص القانون.

وسيطبق في ثلاث محافظات بشمال البلاد اشتهرت تاريخيا بزراعة القنب الهندي. وبلغت مساحتها العام 2019 حوالى 55 ألف هكتار، وفق أرقام رسمية.

في انتظار ذلك يعمل نشطاء المجتمع المدني في المنطقة على شرح الجوانب التقنية للمشروع للمزارعين.

ويقول الناشط المحلي سفيان زحلاف لوكالة فرانس برس إن هذه “الوساطة معقدة لأسباب مسطرية، لكن إذا عملت السلطات على مقاربة تدمج الجميع ستتحقق أشياء جميلة”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version