لم يكن ينقص رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس إلا أن تستقيل وزيرة الداخلية في حكومتها سويلا برايفرمان، في ضوء مؤشرات كثيرة على أن هذه السيدة التي دخلت دواننغ ستريت قبل ستة أسابيع متشبهة برئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، تواجه وضعاً أسوأ مما واجهه سلفها بوريس جونسون؛ بل إن بريطانيا كلها تقف على مفترق طرق في ظل هذه الأزمة المتعددة الوجوه.

على الرغم من الانتقادات الحادة والحملات القوية، تحاول تراس التشبث بمنصبها والصمود في وجه «عواصف» عاتية تهب عليها من المعارضة العمالية ووسائل الإعلام والأزمة الاقتصادية المتفاقمة ومعدلات التضخم، والتوترات الدولية. وتجنباً للمصير، الذي يتوقعه لها العديد من المراقبين وحتى من حزب المحافظين، حاولت أن تستميت في البرلمان، ودافعت عن نفسها بشراسة في مواجهة سيل من الانتقادات بعدما اضطرت للتراجع عن برنامجها الاقتصادي مؤكدة أنها «محاربة وليست شخصاً ينسحب»، وقالت: إنها مستعدة لاتخاذ قرارات صعبة، متحدية بذلك صيحات الاستهجان والدعوات المطالبة لها بالاستقالة. ووسط الجلسة البرلمانية الصاخبة، تساءل زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر «ما فائدة رئيسة وزراء لا تصمد وعودها لأسبوع؟ معدداً كل الإجراءات التي اضطرت تراس للتراجع عنها بضغط من الأسواق ومعسكرها» مضيفاً: كيف يمكن تحميلها المسؤولية عندما لا تكون مسؤولة؟.

وفيما تعود الأزمة إلى تقديم «الموازنة المصغرة» في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي من قبل وزير ماليتها آنذاك كواسي كوارتينغ والتي تتضمن خفض ضرائب بشكل كبير ودعماً قوياً لفواتير الطاقة، لا يبدو أن تلك الاستقالة قد حلت المشكلة، فيما يقف حزب المحافظين، الذي يسود منذ 12 عاماً، على مفترق طرق وسط الخوف من تراجع معدلات الاقتراع بسبب الغضب الذي يجتاح الشارع البريطاني بعد أن هددته تراس نفسها، في أول الأمر، بأنه يواجه مشكلة كبيرة بسبب الإنفاق العام في ظل زيادة أسعار السلع الغذائية والأساسية وكذلك ارتفاع فواتير الطاقة.

وفي ظل هذا الوضع، بات مستقبل ليز تراس مهدداً وقد لا يسعفها الوقت للصمود طويلاً، وفق ما خلصت إليه صحيفة «الغارديان»، التي عزت ذلك إلى فشل رئيسة الوزراء في تنفيذ خطة اقتصادية طموحة تحاول من خلالها تفادي الآثار الاقتصادية الصعبة الناتجة عن تسارع التضخم في أوروبا، وارتفاع تكاليف الطاقة وتوفيرها من الأساس، في ظل العقوبات المفروضة على روسيا، التي بدأت آثارها العكسية تظهر بشدة في العواصم الأوروبية، ومنها لندن، قبل أن تشكو من أضرارها موسكو.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version