قال سعادة محمد عبيد المزروعي رئيس الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي إن إجمالي حجم استثمارات الهيئة في المشاريع القائمة وقيد التأسيس في دولة الإمارات يبلغ نحو 1.55 مليار دولار .. مشيدا بالنقلة النوعية والمشاريع الذكية التي يشهدها قطاع الزراعة والصناعات الغذائية في الدولة والذي يعزز الأمن الغذائي القائم على الابتكار والتقنيات الحديثة لتسريع الاكتفاء الذاتي الغذائي .وأوضح سعادة محمد عبيد المزروعي في حوار مع وكالة أنباء الإمارات “ وام ” أن أبرز هذه الاستثمارات تتمثل في تأسيس شركة روابي الإمارات منذ عام 2001 والتي تعد أول مشروع استثماري أنشأته الهيئة في الدولة وتضم مجموعة من الشركات “ الروابي للألبان والإمارات الوطنية للأغذية وجرين فيلدز لصناعة الأعلاف” بهدف تطوير وإنتاج منتجات غذائية ذات جودة عالية لتعزيز الأمن الغذائي العربي بشكل عام وفي دولة الإمارات بشكل خاص .وحول قطاع ريادة الأعمال في مجال الزراعة والثروة السمكية والزراعة المائية وأبرز المشاريع التي تدعمها وتشرف عليها الهيئة .. قال إن الهيئة قامت بالتعاون مع مستثمرين من القطاع الخاص لبلورة مشروعات زراعية في مجال الزراعة المائية في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وكذلك فيما يخص الاستزراع السمكي حيث تواكب الهيئة التطورات الجارية في هذا المجال في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية .. مشيرا إلى أن الهيئة تعمل حاليا على تقييم نحو 6 مشروعات في مجال الاستزراع السمكي منها مشروعات جديدة في الإمارات ومن أهمها مشروعان جديدان الأول لاستزراع السلمون بطاقة 10 أطنان في أحواض والثاني لاسترزاع سمك القاروص والدينس بطاقة 10 أطنان في أقفاص عائمة .وذكر – في هذا السياق – أنه في المملكة العربية السعودية يجري العمل حالياً على تقييم بعض الفرص الاستثمارية أهمها تقييم فرصة استثمار في مشروع توسعة شركة رائدة في مجال استزراع الأسماك لتطوير النشاط القائم وزيادة طاقة الإنتاج بنحو 5 آلاف طن وإضافة أصناف جديدة من الأسماك.وتحدث المزروعي عن تركيز الهيئة العربية منذ إنشائها على توفير أكبر قدر من السلع الغذائية الأساسية وهي الحبوب، اللحوم، الألبان، الزيوت النباتية، السكر، البقوليات .. مؤكدا أن محصول القمح يمثل أحد المحاصيل الرئيسية في مجموعة الحبوب حيث قامت الهيئة بتنفيذ مشاريع زراعة القمح بالتعاون مع صغار المزارعين واستحدثت تجربة رائدة في تمويل صغار المزارعين لزراعة عدد من المحاصيل ضمن برنامج القروض الدوارة لصغار المزارعين والمنتجين.وفي هذا الإطار أشار سعادة المزروعي إلى زراعة محصول القمح في جمهورية السودان حيث بلغت المساحة المزروعة خلال الفترة 2015-2021 نحو 18 ألف هكتار حيث تعتمد تجربة الهيئة العربية على تطبيق حزمة تقنية متكاملة ساهمت في زيادة مقدرة في إنتاجية محصول القمح بنسبة فاقت 150 في المائة .. لافتا إلى أنه من المخطط زراعة نحو 13 ألف هكتار من محصول القمح خلال الموسم الشتوي 2022-2023 في حقول صغار المزارعين بالسودان.وحول جهود الهيئة الرامية إلى تعزيز الأمن الغذائي العربي .. ذكر أن الهيئة أطلقت مبادرة لتغطية العجز في السلع الغذائية الرئيسية في الوطن العربي وتعمل على التركيز على تغطية الفجوة في محصول القمح .وأكد المزروعي أن تحديد زراعة القمح كأولوية قصوى ومُلحة جاء لعدة أسباب أهمها توقع حدوث أزمة عالمية في الغذاء بسبب منع تصدير محصول القمح والتفاقم المضطرد لحجم العجز في القمح بالدول العربية إضافة إلى أهمية القمح كمحصول استراتيجي وتوفر الموارد الطبيعية وملائمة المناخ لإنتاج محصول القمح بتكاليف أقل في الوطن العربي وفرصة نجاحه عالية جداً.وشدد على الأهمية النسبية لسلعة القمح للشعوب العربية باعتبارها سلعة أساسية توفر الحد الأدنى من لقمة العيش الضرورية وبالتالي انعكس ذلك على الاستقرار والحد من الجوع والمرض وإمكانية زراعة محصول القمح خلال فترة قصيرة مع إمكانية استغلال الأرض نفسها لإنتاج محصول آخر إلى جانب تحقيق الحد الأدنى من متطلبات الأمن الغذائي من خلال توفير سلعة أساسية نظراً لارتفاع الطلب عليها وسهولة نقلها وتخزينها وتوزيعها واستهلاكها فضلا عن إمكانية استخدام محصول القمح في الصناعات الغذائية التحويلية وبالتالي توفير منتجات غذائية إضافية عالية القيمة.وثمن سعادة محمد عبيد المزروعي اهتمام دولة الإمارات بإقامة المشاريع الزراعية التي تعتمد على مفهوم الإدارة المتكاملة للغذاء وذلك من خلال تطبيق أعلى معايير الاستدامة بهدف مضاعفة الإنتاج الغذائي .. منوها بمشروع وادي تكنولوجيا الغذاء الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” ومشروع (بستانك) الذي يُعد من أكبر المزارع الرأسية التي تعتمد على الزراعة المائية باستثمارات تصل إلى 150 مليون درهم .وأكد أن هذه المشاريع تمثل نقلة نوعية في المجال الزراعي لتوطين التقنيات الحديثة لمواجهة تحديات ندرة الأراضي الزراعية وقسوة المناخ باستخدام الحلول المبتكرة التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتطبيقات المتقدمة، وسيسهم في توفير منتجات غذائية عالية الجودة منتجة محلياً وتعزيز الأمن الغذائي القائم على الابتكار، كما ستسهم في زيادة الاستثمارات بالمجال الزراعي وتشجيع شركات التكنولوجيا الزراعية العالمية للاستثمار بالدولة.وحول توجهات دول مجلس التعاون الخليجي للاهتمام بالقطاع الزراعي وفرص نجاح الاستثمارات الزراعية.. قال رئيس الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي :” هنالك فرص كبيرة لنجاح الاستثمارات الزراعية والصناعات الغذائية في دول الخليج، وذلك لأن قطاع الزراعة بها شهد تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة على ضوء نتائج التجارب البحثية وزيادة الاستثمارات الزراعية بدول الخليج والدول العربية ذات الميزة النسبية في الموارد الطبيعية.. كما أن مجال التصنيع الغذائي في دول الخليج يعتبر من القطاعات الواعدة وتتوفر به فرص استثمارية متعددة”.وتحدث في هذا الجانب عن وجود مجموعة من المزايا في دولة الإمارات ودول الخليج من بينها وجود المناخ الاستثماري الجاذب كالاستقرار الاقتصادي والتشريعات والقوانين التي تمنح العديد من الامتيازات للمشروعات الزراعية، ووجود قطاع خاص مبادر يتمتع بقدرة مالية عالية بجانب توفر البنية التحتية الأساسية كالطرق والجسور وشبكات الكهرباء والمياه والمرافق والخدمات الأخرى إضافة إلى إدخال التقانات الحديثة مثل أنظمة الري بالتنقيط والري المحوري والزراعة المائية (الهايدروبونك) والتي أحدثت طفرة كبيرة في مجال الإنتاج الزراعي فضلا عن دعم الأبحاث والتنمية والابتكار في قطاع التكنولوجيا الزراعية والنمو المتسارع لشركات التكنولوجيا الزراعية الحديثة.وذكر سعادة محمد عبيد المزروعي أن الهيئة تعمل على تطوير أعمالها الاستثمارية والإدارية بهدف التطوير المستمر لمواكبة التغيرات العالمية وتحسين بيئة العمل المؤسسي، حيث قامت بإنشاء نظام لإدارة الجودة وفقاً لمتطلبات المواصفة الدولية الآيزو 9001 / 2015 وحازت على شهادة المطابقة الدولية بعد التدقيق من هيئةTUV PROFI CERT الألمانية وحالياً تسعى الهيئة للحصول على تصنيف ائتماني من أحد مؤسسات التصنيف العالمية.وعن أبرز التحديات التي تواجه الهيئة فيما يتعلق بتوسع مشاريعها الزراعية والغذائية وتوظيف التقنيات الحديثة فيها.. قال إن الهيئة العربية خلال مسيرتها الطويلة في الاستثمار الزراعي بالدول العربية تغلبت على العديد من التحديات مما أكسبها خبرات متنامية عززت من أهليتها لاحتضان وتوجيه الاستثمارات الزراعية الإستراتيجية الهادفة لتحقيق الأمن الغذائي العربي .. لافتا إلى أن أهم التحديات التي تواجه التوسع في المشاريع الزراعية والغذائية هي عدم توفر المناخ الاستثماري الجاذب للاستثمار في بعض البلدان العربية ذات الميزة النسبية في توفر الموارد الطبيعية وضعف البنيات التحتية في بعض الدول العربية خاصة في المناطق الزراعية.وتحدث سعادته في هذا السياق عن غياب الإصلاح الهيكلي للقطاع الزراعي لتعزيز آليات السوق وعدم وجود أطر تنظيمية للمنافسة في الأسواق ومنع الاحتكار وضبط الجودة وتدابير السلامة الصحية والصحة النباتية والحيواني وحماية المستهلك وحماية الموارد والبيئة إلى جانب ضعف آليات الاستثمار وعدم تطوير التشريعات المرتبطة به لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية الزراعية حيث تتطلب الزراعة الحديثة استثمارات رأسمالية وخبرات معرفية كثيفة وهي ضرورة مُلحة للتوسع الأفقي والرأسي وغيرها من التحديات المتعلقة بالتمويل.وقال المزروعي : “ إن تداعيات الأزمة العالمية الراهنة ساهمت في تسليط الضوء على الفجوة الغذائية في السلع الأساسية والتي تعتبر من التحديات الرئيسية في الوطن العربي فعلى الرغم من توفر الموارد الطبيعية من الأرض والمياه والموارد البشرية والإمكانيات المالية على المستوي القومي إلا أن الزراعة العربية لم تحقق الزيادة المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب على الأغذية حيث تعتمد المنطقة العربية على تغطية الفجوة الغذائية لديها باستيراد كميات كبيرة من السلع الغذائية الأساسية من خارجها .. لافتا إلى أن معظم الدول العربية أدركت أنها عُرضة لاضطراب سلاسل الإمداد من السلع الأساسية وارتفاع أسعارها مما حدا بها لاستحداث كيانات رسمية معنية بالأمن الغذائي وإيلاء القطاع الزراعي مزيداً من الاهتمام والعناية وهذا بالتأكيد سيساهم في تسريع توجيه المزيد من الاستثمار للمجال الزراعي.وأضاف أن مساحة الأراضي القابلة للزراعة تمثل حوالي 14 في المائة من المساحة الإجمالية للدول العربية بينما لا تتجاوز المساحة المستغلة منها زراعياً حوالي 33 في المائة ولقد بينت دراسة أعدتها الهيئة العربية أن متوسط الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة تقدر بنحو 104 ملايين هكتار .. لافتا إلى أن مساحة الأراضي الزراعية الإضافية اللازمة لتغطية الفجوة في السلع الغذائية الأساسية تقدر بنحو 14 مليون هكتار.جدير بالذكر بأن الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي هي مؤسسة مالية عربية مستقلة تساهم فيها 22 دولة عربية، تم تأسيسها في عام 1976 وتهدف الى تعزيز الأمن الغذائي العربي بالمساهمة في تأسيس مشروعات الإنتاج النباتي والحيواني والتصنيع الغذائي والخدمات الأخرى المرتبطة بالأنشطة الزراعية وذلك بالشراكة مع القطاعين العام والخاص وينظم أعمالها اتفاقية إنشائها ونظامها الأساسي والاتفاقيات الموقعة مع الدول العربية الأعضاء في الهيئة العربية، مقرها الرئيسي في الخرطوم -جمهورية السودان ومكتبها الإقليمي في دبي.وسعت الهيئة العربية منذ إنشائها لتحقيق أهدافها بتعزيز الأمن الغذائي العربي وتنمية الموارد الزراعية والتجارة البينية العربية وقد حققت الكثير من الإنجازات على الساحة العربية، ولقد بلغ عدد الشركات الزراعية التي ساهمت الهيئة العربية في تأسيسها بالدول العربية نحو 53 شركة ومشروعا، بقيمة استثمارية بلغت نحو 662 مليون دولار تمثل نسبة 91 في المائة من رأس مالها المدفوع البالغ 731 مليون دولار وتبلغ أصول هذه الشركات نحو 4.98 مليار دولار إضافة إلى البرامج الإنمائية وتمويل صغار المزارعين والخدمات الزراعية الأخرى.
وام

What’s Your Reaction?

Like

Dislike

Love

Funny

Angry

Sad

Wow


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version