نيويورك: (أ.ف.ب)

بعد رحلة محفوفة بالمخاطر من مسقط رأسه في فنزويلا إلى الولايات المتحدة قبل شهرين، يعتبر غوستافو منديس أنه تمكن من الصمود حتى الآن في نيويورك، حيث وجد وظيفة وعائلة مضيفة استقبلته لتأسيس حياة جديدة.

لكنّه من القلائل الذين وجدوا ملجأ في مدينة تعاني لاستيعاب التدفق الأخير لطالبي اللجوء من أمريكا اللاتينية. فمنذ نيسان/إبريل، توافد إلى نيويورك نحو 17 ألف طالب لجوء، أُرسل العديد منهم إلى مخيمات مؤقتة.

وتم اعتراض عشرات الآلاف من المهاجرين الفنزويليين على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة خلال العام الماضي. وفي الأشهر الأخيرة، بدأت ولايات حدودية عدة يقودها الجمهوريون، نقل طالبي لجوء شمالًا نحو مدن يسيطر عليها الديمقراطيون، في حيلة تسبق انتخابات منتصف الولاية المقررة في 8 من تشرين الثاني/نوفمبر.

وقبل أسابيع من الانتخابات التي سيتنافس فيها الديمقراطيون والجمهوريون على السيطرة على الكونغرس، حدّد الرئيس الأمريكي جو بايدن عدد طالبي اللجوء الفنزويليين المسموح لهم بالدخول ب24 ألفاً.

ويوفّر البرنامج الفيدرالي لعدد محدود من الفنزويليين إمكان الدخول عبر مطارات الولايات المتحدة، لكن إدارة بايدن ستطرد كل من يحاول الدخول عبر الحدود البرية، ما يُعيد تطبيق سياسة الطوارئ الصحية التي فُرضت خلال عهد دونالد ترامب والتي كانت تحرم الفنزويليين من الحق في التقدم بطلب للحصول على اللجوء بحجة ضرورة كبح تفشي وباء «كوفيد 19».

150 يوماً

لا يستطيع منديس (40 عاماً) العمل بشكل قانوني في نيويورك، لكنه تمكن من العثور على مصدر دخل بعد أسبوع من وصوله، وذلك في مطعم في حي كوينز يبيع أيضاً مرطبات من شاحنة لبيع الطعام في المناسبات الرياضية.

ويقول الطاهي ومصلح التلفزيونات: «كنت أريد أن أعمل في الطهو أو في التلفزيونات، هذا سبب مجيئي إلى هنا».

ويجني منديس حالياً بين 800 دولار و1200 دولار أسبوعياً؛ أي أكثر بكثير من راتب 600 دولار الذي كان يتقاضاه في فنزويلا، حيث لا يزال يعيش ابناه المراهقان. لكن منديس يُعدّ من طالبي اللجوء المحظوظين نسبياً؛ إذ إن إيجاد فرصة عمل للتأسيس لحياة أفضل هو أكثر ما يبحث عنه هؤلاء الفارون من الخطر أو الاضطهاد في بلدهم.

لكن كما هي الحال الآن، يجب على طالبي اللجوء الانتظار 150 يوماً بعد تقديم طلبهم الأولي قبل أن يتمكنوا من التقدم للحصول على تصريح عمل.

ويقول جاي ألفارو، مدير الخدمات الاجتماعية والشراكات في كنيسة الرسل المقدسين في مانهاتن: «منذ منتصف آب/أغسطس، شهدنا زيادة كبيرة في عدد طالبي اللجوء».

ويشير إلى أن السؤال الأبرز الذي يطرحه طالبو اللجوء هو: «هل تعلم أين يمكننا الحصول على وظيفة؟». توفّر هذه الكنيسة طعاماً وخدمات قانونية واستشارات إسكان ومساعدة طبية، وتدير أحد أكبر البرامج من نوعها في البلاد.

وجاءت الفنزويلية نيساري أنغولو (29 عاماً) وزوجها وابنتها البالغة ثلاث سنوات إلى الكنيسة بحثاً عن وجبة طعام. وبعد رحلة استمرت 50 يوماً، بدأت العائلة تنام في أحد الفنادق التي أنشأها مكتب رئيس بلدية نيويورك.

تأخير وتأجيل

ونيويورك هي المدينة الأمريكية الوحيدة الملزمة بموجب القانون بتقديم ملجأ لأي شخص يطلب اللجوء فيها. وبالنسبة إلى القادمين الجدد المسجّلين، تقدّم المدينة أيضاً، إمكان الوصول إلى الرعاية الطبية ودروساً في اللغة الإنجليزية وتدريباً على مهارات، فضلاً عن التعليم المدرسي للأطفال.

لكن العديد من طالبي اللجوء يقولون إن الحصول على عمل قانوني عملية تتسم بالتأخير والتأجيل. فعلى سبيل المثال، لن يستقبل قسم خدمات الهجرة منديس قبل عام 2024. وحضّ رئيس بلدية نيويورك إريك آدامس، الصريح بشأن طموحاته للترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2024، الحكومة الفيدرالية على تمرير قانون يسمح لطالبي اللجوء بالبحث عن عمل «فوراً وليس بعد ستة أشهر».

وخصّصت السلطات في نيويورك غرف فنادق لطالبي اللجوء، إضافة إلى ملاجئ المدينة التي كانت تهدف في الأصل إلى إيواء سكان نيويورك الذين لا مأوى لهم. والأسبوع الماضي، بدأت نيويورك أيضاً ملء خيمة عملاقة أقيمت في جزيرة راندال في إيست ريفر والتي تتّسع ل500 رجل أعزب.

وهناك أيضاً محادثات لإنشاء سفينة سياحية لاستيعاب الوافدين الجدد.

ليس مستداماً

وحتى اللحظة لا قيود على إقامات أولئك الموجودين في الملاجئ المؤقتة هذه. ويتحدث ألفارو عن الكلفة الباهظة للإيجارات في المدينة التي تعاني أيضاً نقصاً في المساكن، في شرح التحديات التي يواجهها الوافدون الجدد.

ووفق دراسة جديدة نشرتها قناة «سي إن بي سي» أخيراً، سيتوجب على العامل الذي يتقاضى الحد الأدنى للأجور (15 دولاراً في الساعة) أن يعمل 111 ساعة في الأسبوع لتسديد إيجار شقة بغرفة نوم واحدة.

واعتبر رئيس بلدية نيويورك إريك آدامس أن الوضع الحالي «ليس مستداماً»؛ إذ إن المدينة ستنفق ما بين 500 مليون دولار ومليار دولار لإيواء الوافدين الجدد بشكل مؤقت، وفق المُحاسِب براد لاندر.

ويعتبر آدامس أنه يجب على كل المدن الأمريكية تقاسم العبء، قائلاً إن نيويورك لم «تعقد مطلقاً أي اتفاق لتولي مهمة دعم الآلاف من طالبي اللجوء».


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version