كتب – المحرر السياسي:

مع حلول خريف عام 2022، من الواضح أنه لا يوجد سيناريو قصير المدى يمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن يحقق من خلاله أهدافه في أوكرانيا. إلا أنه يأمل في أن تتمكن القوات الروسية من الحفاظ على المواقع التي سيطرت عليها في أوكرانيا خلال الشتاء، وكسب المزيد من الوقت لتدريب الجنود الجدد والتجهيز لهجمات شاسعة في ربيع عام 2023.

للحفاظ على حرب الكرملين الطويلة والمخطط لها، أعلن بوتين تطبيق الأحكام العرفية في أربع مناطق أوكرانية ضمتها روسيا الشهر الماضي، وهي دونيتسك وخيرسون ولوغانسك وزابوريجيا.

وبموجب القانون الروسي، فإن الأحكام العرفية توسّع سلطات الجيش وسلطات إنفاذ القانون هناك، كما تسمح للجيش بفرض حظر التجول مع تقييد حركة التجول والسيطرة على الممتلكات المدنية ومراقبة الاتصالات ومطالبة المواطنين بإعادة بناء المدن المدمرة.

وقال ماكس بيرغمان، مدير برنامج أوروبا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «إن الأحكام العرفية تعني بشكل أساسي تعليق الإدارة العادية للاقتصاد وسيادة القانون، وتسمح للجيش بالسيطرة على الأصول المدنية والمباني ونشر الموارد حسب الحاجة، كما تضع السلطة وعملية اتخاذ القرارات بيده».

وعلاوة على ذلك، تم فرض درجة متوسطة المستوى من التعبئة والأحكام العرفية على الأراضي الروسية المجاورة في بيلغورود وبريانسك وكراسنودار وكورسك وروستوف وفورونيج، وكذلك شبه جزيرة القرم. وهذا يمكّن المناطق العسكرية الإقليمية من إعادة توجيه الأعمال التجارية وقوات الأمن العام والموارد المدنية لدعم الجهود العسكرية.

ومنذ أواخر أغسطس/آب، تضغط القوات الأوكرانية على القوات الروسية في مقاطعة خيرسون، حيث لدى الأخيرة رؤوس جسور على الجانب الغربي من نهر دنيبر.

وتوقعاً لأي هجوم حتمي، قامت روسيا بتحصين خيرسون بشدة وأرسلت العديد من التعزيزات إلى جانبي النهر.

وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول، أجبر هجوم أوكراني مفاجئ على نطاق صغير القوات الروسية على التراجع عشرين ميلاً من مواقع القتال في شمال شرقي خيرسون. ومع وجود بعض التحركات الدراماتيكية منذ ذلك الحين، تشير التقارير الأوكرانية والروسية على حد سواء إلى أن الإمدادات العسكرية للقوات الروسية في خيرسون قد تقلصت.

يشار إلى أن موسكو لا تسيطر بشكل كامل على المناطق الأربع، لذلك من غير الواضح ما إذا كانت روسيا ستكون قادرة على تنفيذ الأحكام بشكل فعّال، أو كيف ستختلف عن الظروف الحالية في ظل السيطرة العسكرية.

ولم تعلن موسكو الأحكام العرفية منذ أن فرضها الاتحاد السوفييتي خلال الحرب العالمية الثانية.

وخلال الحقبة السوفييتية، خاضت روسيا عدداً من الحروب، لكنها قامت بذلك من خلال قواتها النظامية، ولم يكن عليها القيام بالتعبئة الجماهيرية المطلوبة حالياً، وفقاً لبيرغمان. وفي العقود القليلة الماضية خاضت روسيا حروباً في جورجيا وأوكرانيا، لكن تلك الصراعات لم تتطلب تعبئة جماهيرية.

صواريخ كروز والطائرات المسيرة

ومنذ أن غيّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تكتيكاته لشن ضربات جوية على أهداف استراتيجية في أنحاء أوكرانيا، كثفت موسكو من استخدامها لسلاحين رئيسيين، وهما صواريخ كروز طويلة المدى والطائرات من دون طيار.

والصواريخ، التي يكلّف كل منها مئات الآلاف أو ملايين الدولارات، تطير بسرعة فائقة، ويصعب إسقاطها كما أنه بإمكانها حمل حمولة متفجرة ضخمة. وربما تكون روسيا قد استخدمت ذخائر تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عندما أعلن بوتين عن تكتيكاته الجديدة، حيث أطلقت قواته أكثر من 80 صاروخ كروز على أهداف في جميع أنحاء أوكرانيا.

ويُعتقد أن الصواريخ الروسية قادرة على الطيران لمسافة تصل إلى ألفي كيلومتر، وتسقط على أهدافها بسرعة أعلى بعدة مرات من الصوت، وتحمل رؤوساً حربية تزن أكثر من 400 كيلوغرام.

كما أنها مصممة لتدمير الأهداف العسكرية عالية القيمة والمحمية جيداً مثل السفن الحربية المعادية أو مراكز القيادة.

ويمكن استخدام المركبات الجوية غير المأهولة أو الطائرات من دون طيار للمراقبة أو منصةً لإطلاق الذخائر على الأرض. لكن أبسط طريقة لاستخدام الطائرات من دون طيار كسلاح هي توجيهها مباشرة نحو الهدف وتفجيره. واستخدمت روسيا بالفعل المئات منها ضد أهداف عسكرية أوكرانية.

وتزعم كييف أنها أسقطت الغالبية العظمى منها؛ إذ قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن أوكرانيا أسقطت ما يصل إلى 233 طائرة من دون طيار خلال الشهر الماضي.

ولكن بسبب كلفتها المنخفضة، يمكن إرسالها في شكل أسراب، كما أن الدفاعات الجوية المتقدمة المستخدمة لحماية الأهداف عالية القيمة من الصواريخ ليست مناسبة بشكل مثالي لإيقاف الطائرات المسيرة الرخيصة؛ إذ يمكن أن تكلف مجموعة كاملة من هذه الطائرات أقل من كلفة صاروخ «أرض-جو» يستخدم لتدمير طائرة واحدة منها فقط. وتعهد الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ بإرسال المزيد من الدفاعات المضادة للطائرات المسيرة إلى أوكرانيا.

وقد كثفت روسيا ضرباتها العسكرية إلى محطات الطاقة الكهربائية؛ بحيث بات معظم المدن الأوكرانية يواجه نقصاً حاداً في الكهرباء، وسوف يزداد الأمر شدة مع قدوم فصل الشتاء؛ حيث سيعاني ملايين الأوكرانيين من الصقيع، ما يؤثر في معنويات الجنود على الجبهة أيضاً، وربما تستغل القوات الروسية فصل الشتاء لشن هجمات حاسمة على أكثر من جبهة في محاولة منها لحمل أوكرانيا على القبول بالمفاوضات على الرغم من الدعم العسكري الغربي الواسع.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version