أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)– لا تتوقع أن يؤدي انتعاش الاقتصاد الأمريكي في الربع الثالث إلى تهدئة جوقة التحذيرات من الركود.

لقد نما الاقتصاد الأمريكي أقوى من المتوقع بنسبة 2.6٪ في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، وذلك بعد انكماشه بنسبة 1.6٪ في الربع الأول و0.6٪ في الربع الثاني من العام.

يأتي تقرير الناتج المحلي الإجمالي وسط تحذيرات شبه يومية من الركود من قبل الرؤساء التنفيذيين للبنوك ورجال الأعمال الاقتصاديين ووزراء الخزانة السابقين. لقد قل تركيزهم على معدلات النمو في النصف الأول من العام في حين أصبحوا يركزون على فائض عدم اليقين في المستقبل.

ولكن مع تزايد الخوف، تعد هذه الأخبار بمثابة تذكير بأنه لا أحد يعرف على وجه اليقين ما إذا كان الاقتصاد الأمريكي سيتجه نحو الركود. علاوة على ذلك، يتفق معظم هؤلاء المتنبئين على أنه حتى لو كان هناك ركود، فسيكون خفيفًا.

أولاً، لنلقي نظرة على كيف وصلنا إلى هنا:

انتعش الاقتصاد بشكل حاد منذ جائحة كوفيد، لكنه تأثر بالتضخم المرتفع لأعلى معدل منذ 40 عامًا، يحاول الاحتياطي الفيدرالي كبح الأسعار المرتفعة من خلال رفع أسعار الفائدة. أدى عدم التوازن بين العرض والطلب ونقص العمالة إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الربعين الأول والثاني، مما يلبي تعريفًا تقنيًا واحدًا للركود، وذلك ما أدى إلى بدء رفع الأعلام الحمراء.

ثانياً، اختلاف الظروف هذه المرة:

بينما يواجه المستهلكون هذه التحديات، أصبحت الموارد المالية للأسر اليوم في وضع أفضل بكثير مما كانت عليه في بداية الأزمة المالية في 2008-2009. لا يزال سوق العمل قوياً، مع انخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوى له منذ نصف قرن.

ثالثًا، لن نعرف ما إذا كان الاقتصاد الآن في حالة ركود، أو كان الركود موجودًا من قبل إلى أن ينتهي:

قد يكون الركود قادمًا، أم لا، أو موجودًا الآن… الحَكَم الرسمي لذلك هو المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، الذي ينظر خبراء الاقتصاد فيه إلى الوظائف والإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة ومجموعة كبيرة من البيانات الأخرى لتحديد متى بدأ الركود وانتهى.

استمر الركود الأخير، في أوائل عام 2020 مع بداية الوباء، لمدة شهرين فقط.

أيضًا: لا أحد يعرف حقًا على وجه اليقين. هناك نكتة قديمة عن الرئيس المحبط هاري ترومان الذي سئم الاستماع إلى فريقه الاقتصادي يناقض نفسه، حيث قال: “أعطني خبيرًا اقتصاديًا بيد واحدة! كل الاقتصاديين يقولون، من ناحية، ومن ناحية أخرى..”

يعتبر الاقتصاد الأمريكي عملاقًا ضخمًا يبلغ 21 تريليون دولار، وهو الأكبر والأكثر ديناميكية في العالم. لطالما اختلف الاقتصاديون -بشكل بارز أحيانًا- حول كيفية قياسه.

وأخيرًا، يتعلق الأمر كله بالمنظور.

الركود مخيف، بحيث تفقد الناس وظائفها وتغلق الأعمال، ولكن التضخم مخيف أيضًا. وسيتطلب الأمر تباطؤ الاقتصاد وربما حتى الركود- للسيطرة على الأسعار المرتفعة.

قال مارك هامريك، كبير المحللين الاقتصاديين في Bankrate.com لـ CNN: “لهذا السبب حاولت توجيه الناس بعيدًا عن هذا السؤال برمته حول ما إذا كان هناك ركود الآن أو كان الركود في النصف الأول لأن التضخم سيء بما يكفي.”

إن الألم الناتج عن التضخم سيكون أسوأ من ألم ارتفاع معدلات البطالة في فترة الركود.

قال هامريك: “ما هو القاسم المشترك بين فترات الركود والتضخم؟ إنهما يفصلان الناس عن قدرتهم على شراء الأشياء التي يريدونها ويحتاجونها. وفي هذه الحالة، أثرت قضية التضخم حقًا على عدد أكبر من الأشخاص وبالتالي سوف يكون عدد أكبر من العاطلين عن العمل في هذه الحالة.”

مرة أخرى، لا أحد يعرف على وجه اليقين. ولكن حتى أشد صقور الركود الاقتصادي يعتقدون أن الركود -إذا حدث- سيكون خفيفًا.

أخبر وزير الخزانة السابق، لاري سمرز، وولف بليتزر أن الركود أصبح “حتميًا تقريبًا” بمجرد أن تجاوز التضخم 5 في المائة، لكنه قال: “بالتأكيد لا أعتقد أنه سيكون مثل الأزمة المالية [2008]. أو مثل الأشياء الرهيبة التي حدثت بعد أن بدأ الوباء.” ويشير إلى أن التضخم الراسخ أكثر ضررًا بكثير من الركود القصير.

كان جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ JPMorgan Chase يحذر منذ شهور من “إعصار” اقتصادي، لكنه اعترف لريتشارد كويست في مؤتمر في المملكة العربية السعودية بأن الركود الاقتصادي يمكن التحكم فيه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version