بغداد: زيدان الربيعي

قد تؤدي القرارات التي اتخذها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والمتمثلة في إبعاد بعض الأشخاص عن مناصبهم التي شغلوها في الحكومة السابقة، إلى حصول أزمة سياسية مبكرة تواجه حكومته؛ لأن القسم الأكبر من المبعدين ينتمون إلى جهة سياسية لم تشارك في الحكومة الحالية، لكنها تمتلك نفوذاً كبيراً جداً في الشارع العراقي.

والسوداني لم يكتف ببيان لمكتبه الإعلامي بشأن القرارات التي اتخذها في هذا الصدد؛ بل اتخذ خطوة ذكية، ووضّح بنفسه الأسباب التي دعته إلى اتخاذ قرارات كهذه قد يراها البعض مستعجلة نوعاً ما، وتؤدي إلى استفزاز الطرف المقابل.

وقال السوداني في مؤتمره الصحفي الذي أعقب رئاسته جلسة مجلس الوزراء، الثلاثاء الماضي: «هناك مواضيع حاكمة مضطرون لأن نتخذ فيها قرارات، واليوم أحد القرارات المهمة والمتعلق بقرار المحكمة الاتحادية العليا 121 لسنة 2022، الذي تضمن أن حكومة تصريف الأمور اليومية (الحكومة السابقة) ليست لديها الصلاحية لإصدار أوامر التعيين وإعطاء الموافقات والاتفاقات وباقي الصلاحيات التي هي صلاحيات حصرية لحكومة دائمة».

وأوضح: «هذا قرار ملزم وواجب التطبيق من قبل الحكومة، وعُرض اليوم على مجلس الوزراء وتم التصويت عليه بالموافقة، وهو قد يثير استفهامات لأنه يتعلق بإلغاء تعيينات لرؤساء أجهزة وجهات، ووكلاء ومديرين عامين ومستشارين، هذا ليس ضمن سياسة الاستهداف أو الإقصاء لجهات معينة أو حسابات سياسية، وإنما هو قرار للمحكمة الاتحادية». لكن إذا كان السوداني سيتعامل مع أي مخالفة تقوم بها القوى السياسية في المستقبل وفق الدستور والقانون ومن دون استثناءات أو مجاملات، فإنه سيكون قد وضع خطوته الأولى في الاتجاه الصحيح لتحقيق أهداف وغايات ترغب في تحقيقها أغلبية العراقيين؛ لأن الحكومات السابقة اعتمدت في عملها على عدم تطبيق القانون في كثير من المفاصل المهمة، ما أدى في النهاية إلى عدم احترام سيادة وهيبة الدولة، وإلى تفشي الفساد الإداري والمالي في البلد بشكل غير مسبوق، حيث جرى نهب المال العام من قبل بعض اللصوص الذين كانوا يحظون بحصانة وحماية من قبل بعض الكتل والأحزاب السياسية.

فإذا استمر السوداني بهذه الطريقة في العمل على إقصاء أي مسؤول لا يعمل وفق السياقات الدستورية والقانونية، وترجم أقواله إلى أفعال بشأن محاربة منظومة الفساد، فإنه سيجد العراقيين بشكل عام يقفون خلفه ويدعمونه، لكن إذا عمل بطريقة المحاباة وغضّ النظر عن بعض الأطراف، فإن عمر حكومته لن يكون أطول من عمر حكومة عادل عبدالمهدي التي أسقطت جماهيرياً وسياسياً خلال عام واحد تقريباً؛ لأن الكتل السياسية غير المشاركة في الحكومة، وكذلك الكتل والأحزاب والشخصيات التي تعارض النظام السياسي برمته، ستبحث عن أي ثغرة في عمل السوداني وحكومته من أجل تحجيمها أو إفشالها، وهذا ما يدركه السوداني بشكل جيد.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version