المنامة – وام
أكد الدكتور محمد قريش شهاب، عضو مجلس حكماء المسلمين ووزير الشؤون الدينية الإندونيسي سابقاً، أن استكمال حلقات الحوار الإسلامي المسيحي التي أرساها توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي، قبل ثلاث سنوات، هدف يمكن بلوغه.
ولفت إلى أن الاتفاق على اختيار التحديات الكبرى التي تواجه الإنسانية في القرن الحادي والعشرين هو موضوع لهذا اللقاء، ودليل واقعي على بداية تحقق نتائج هذا الحوار بين قادة ديانتين عالميتين كبيرتين، يمثلهما اليوم بابا الفاتيكان وقيادات الكنيسة الكاثوليكية، والإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين.
وأضاف الدكتور شهاب، خلال كلمته في الاجتماع الدوري الـ 16 لاجتماع مجلس حكماء المسلمين، تحت عنوان: «الحوار بين الأديان وتحديات القرن الواحد والعشرين»، بساحة مسجد قصر الصخير بمملكة البحرين، أن أبرز التحديات المشتركة تتمثل بحالة رهاب الدين (أو الدينوفوبيا) التي تترك الإنسان عرضة للجفاف الروحي، وتحيل المجتمعات على الفقر الأخلاقي؛ الذي تُرى آثاره في السلوك الفردي، كما في وضعية الأسرة بمحاولات الانحراف بها عن الفطرة السوية، واستغلال عمل الأطفال، وتصاعد معدلات العنف ضد المرأة؛ وأزمة الغذاء العالمي الناتجة عن غياب العدالة والتضامن، الأمر الذي يهدد حياة ملايين البشر من المستضعفين الذين تعصف بهم الحروب، إضافة إلى التهديد المروع الذي يجسّده شبح الأسلحة النووية الذي يلوح في أفق العالم.
ولفت إلى أن قضية التغير المناخي تعد واحدة من أبرز التحديات المشتركة، مشيراً إلى كونها تعد شاهداً حيّاً على عجز الإنسان عن كبح جماح غرائزه الاستهلاكية ونهمه المادي، نحو مسار لم تعرف البشرية في تاريخها مثيلاً له، من التدمير الذاتي لموارد الكوكب، الأمر الذي يهدد مستقبلنا، ويزيد من مآسي العالم من الجوع والفقر والتهجير.
وأوضح أن مجلس حكماء المسلمين، منذ تأسيسه واعتباره مؤسسة دولية تجمع ثلة من علماء الأمة الإسلامية بهدف تعزيز قيم التعايش، يرى أن الحوار حول هذه التحديات مع كافة شركاء العائلة الإنسانية، وخاصة قياداتها الدينية والفكرية الملهمة والمؤثرة، هو قضية تلح في حضورها على راهن عالمنا، لافتاً إلى أن مجلس حكماء المسلمين لا ينظر إلى هذا الحوار باعتباره ضرورة واقعية فحسب؛ بل من منطلق كونه خياراً أساسيّاً ممتداً في الزمان والمكان، الأمر الذي يُعلي من إنسانية الإنسان بوصفه كائناً مسؤولاً ومكرماً، يواجه تحديات وجودية كبرى، لا أمل له في التعامل معها إلا بالتواصل والحوار.
وبَيَّنَ عضو حكماء المسلمين أن أهمية الحوار للإنسانية اليوم، تتجلَّى في أنها ضمانة للتأسيس الواعي لتواصل بناء بين البشر، يبلغ منزلة التعاون، لافتاً إلى أن هذه درجة من حسن تدبير العلاقة بين أطراف الجماعة الإنسانية لا تُبلغ إلا بمستوى من الوعي يستوعب التعدد، ويؤسس عليه ويستثمر فضائله. وأشار شهاب إلى أن التعارف منزلة إنسانية وأخلاقية وحضارية، يمثل مستوى من الرشد في العلاقات بين المجتمعات، تزول معه مخاطر التواطؤ على الانحراف الخلقي أو انتهاك العدالة؛ لترتقي المجتمعات إلى مقام الالتقاء والتعاون على المعروف والخير ومكارم الأخلاق.
وأضاف عضو حكماء المسلمين، أننا في حوار اليوم، نعتز أننا إلى جانب شخصيتين دينيتين رائدتين، صنعتا تاريخاً جديداً من العلاقة بين دينين عالميين، وألهمتا بالمضي في طريق الأخوة الإنسانية بالحوار المستمر رموز أديان أخرى وأتباعها؛ لافتاً إلى أن الكثيرين يسيرون في طريق الحوار تحت قيادتهما، تحقيقاً لغاية الدين الذي أنزله الله لمصلحة الإنسانية.
ويعقد اجتماع حكماء المسلمين تحت عنوان «الحوار بين الأديان وتحدِّيات القرن الواحد والعشرين»، بمسجد قصر الصخير الملكي بالعاصمة البحرينية المنامة، برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، عقب ختام فعاليات ملتقى البحرين للحوار بعنوان «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني» الذي عقد على مدار يومي 3 و 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بحضور الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، ومشاركة رموز الأديان والمفكرين والمثقفين من مختلف دول العالم.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version