إعداد: معن خليلتعتبر «السيباك تاكراو» لعبة شعبية في آسيا ولاسيما في جنوب وشرق القارة ووطنية في ماليزيا، وهي من الرياضات التي تشهد نمواً وانتشاراً رغم صعوبة ممارستها كونها تستلزم مهارات عالية ولياقة كبيرة للقيام بالحركات البهلوانية أثناء تسديد وصد الكرات الهوائية، كما أنها تتحلى بكل المواصفات المطلوبة لجذب المشاهدين من حيث خفة الحركة والتنوع الفني.تمارس اللعبة برمي أحد اللاعبين للكرة في وسط الملعب، بعد ذلك يحاول اللاعبون التفوق على خصومهم باستخدام أرجلهم ورؤوسهم لصد وتسديد الكرة، ومنعها من السقوط في منطقتهم من جهة، وتسديدها فوق الشباك في منتصف الملعب، إلى منطقة الخصم لإسقاطها على أرضهم من جهة أخرى، وينبغي على لاعبي كل فريق عدم لمس الكرة بأرجلهم ورؤوسهم أكثر من ثلاث مرات في كل مرة تصل فيها إلى منطقتهم.ويقال عن ممارس «السيباك تاكراو» إنه أكثر بهلوانية من لاعب كرة القدم، وأكثر لياقة وقوة من لاعب كرة الطائرة، وليس في التشبيه ابتعاد عن الواقع كون هذه الرياضة تجمع بين هاتين اللعبتين إضافة إلى البادمنتون( الريشة الطائرة) والجمباز مع احتفاظها بشخصيتها المستقلة وقوانينها الخاصة التي تناسب طبيعتها.ولن يكون غريباً أن يجد الزائر لدول مثل تايلاند وماليزيا وفييتنام وميانمار وإندونيسيا وغيرها ممارسين لهذه اللعبة في الشوارع والحدائق العامة، كما هي حال الكريكيت مثلاً في الهند وباكستان أو كرة القدم في البرازيل، لأن «السيباك تاكراو» أضحت من الألعاب الشعبية التقليدية، هذا عدا أن لها تواجداً أصلاً في بعض تاريخ هذه الدول ولاسيما في ماليزيا التي يعود لها الفضل في اكتشافها، وتايلاند صاحبة الفضل في الحداثة التي طرأت عليها.ماليزيا وتايلاندولم تتأثر لعبة كما تأثرت «السيباك تاكراو» بماليزيا وتايلاند، فعدا أن منتخبيهما هما الأكثر سيطرة على بطولاتها الكبرى، فإنهما كان لهما علاقة حتى بالاسم الذي عرف بشكله الحالي عام 1965 بعد اجتماع عاصف في كوالالمبور، إذ إن كلمة «سيباك» تعني الركلة باللغة الملاوية (ماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا)، في حين أن «تاكراو» بالتايلاندية هي الكرة المنسوجة الخاصة التي تستعمل، والمعنى العام هو «اركل الكرة»، وقد جاء الاسم كحل وسط بين ماليزيا وتايلاند اللتين لطالما تنازعتا على الأصل والنشأة وصاحب الأفضلية.وهيمنت تايلاند على ألقاب دورة الألعاب الآسيوية 6 مرات متوالية منذ عام 1998، كما فازت 19 مرة بلقب بطولة كأس الملك الدولية التي تعد الأشهر على صعيد هذه الرياضة، في حين فازت ماليزيا بالألعاب الآسيوية عامي 1990 و1994 وكأس الملك مرتين.وتعد ميانمار من الدول المهمة على صعيد اللعبة من خلال نيلها ميداليات آسيوية عدة على صعيد الريغو والزوجي ريغو والفرق للرجال والسيدات.لعبة قديمةلعبة «السيباك تاكراو» ليست حديثة العهد بل هي تعود لقرون ماضية، ويقال إن السكان الأصليين لماليزيا مارسوا هذه اللعبة في القرن الخامس عشر وكانت تحمل وقتها اسماً آخر هو «سيباك راكاو» ومعناها «اضرب الكرة»، وهذا ما يدل على أنها كانت تمارس بضرب الكرة بعصا، بعكس ماهو متعارف عليه الآن، حيث تستعمل فيها كل أعضاء الجسم إلا اليد.ومارس الملوك والسلاطين في جنوب آسيا أولاً هذه اللعبة التي اختلفت الروايات حول نشأتها وإن كان هناك اتفاق أنها بدأت في سلطنة ملقا بعد حادثة قتل كان بطلها رجا محمد نجل السلطان شاه منصور، عندما رمى ابن أحد الأعيان وهو تون بيسار كرة منسوجة فأصابت قبعة الأمير وأسقطتها أرضها، فاستشاط الأخير غضباً وقتل المتسبب بذلك، فما كان من والده إلى أن أبعده إلى سلطنة ملقا، وهناك بدأت تعرف اللعبة الجديدة وسميت «سيباك راجا» تيمناً باسم رجا محمد، حيث كان يتم تمرير الكرة من قدم شخص إلى آخر ومن ثم ركلها إلى الأعلى.ويحكى أيضاً أن الرحالة الشهير ماركو بولو الذي توفي عام 1325 أدخل معه بعد إحدى رحلاته إلى الصين، لعبة عبارة عن كرة صغيرة كان على اللاعب فيها أن يحرص على عدم سقوطها على الأرض بواسطة تنطيطها بقدمه ويتم حساب عدد الضربات التي نفذها قبل سقوط الكرة على الأرض.وتطورت لعبة «السيباك تاكراو» حيث كانت تمارس على أرضية فارغة لا شباك فيها، وفي القرن التاسع عشر أدخلت الشباك لتكون في وسط أرض الملعب، على أن يركل اللاعبون الكرة من منطقة إلى أخرى، ثم عملوا على وضع قوانين تشبه قواعد لعبة الكرة الطائرة.ورغم شعبية «السيباك تاكراو» في بعض مناطق آسيا، إلا أن اللعبة لم تحظ بالانتشار الواسع إلا بعد إقامة مباراة استعراضية في العام 1945 في جزيرة بينانغ الماليزية حضرها جمهور كبير، لتنتشر بعد ذلك في كافة أرجاء القارة الآسيوية ومنها نقلت إلى العالم.أما تنظيم اللعبة فهي انتظرت حتى عام 1960 لسن قواعد وقوانين تحكمها، وفي عام 1965 تم اعتمادها كرياضة رسمية وواحدة من الألعاب الأساسية في دورات ألعاب جنوب شرق آسيا، ثم اعتمدت كرياضة رسمية في دورة الألعاب الآسيوية منذ الدورة الحادية عشرة التي استضافتها العاصمة الصينية بكين عام 1990، وشاركت كلعبة استعراضية في دورة ألعاب الكومنولث عام 1998 وهناك محاولات حثيثة لإدخالها في الأولمبياد.ويمكن تحديد عام 1984 كحدث استثنائي في تاريخها بعدما اخترع أحد التايلانديين كرة جديدة من مادة صناعية، بعدما كانت الكرة التقليدية تحاك من خيوط نبتة أسل الهندية.الملعب والقواعدتلعب «السيباك تاكراو» على ملعب شبيه بالذي تقام عليه الكرة الطائرة أو البادمنتون، وكما ذكر سابقاً فاللعبة تجمع بين مهارة العمل الجماعي للعبة الكرة الطائرة وبراعة وتخطيط لاعبي كرة القدم ولياقة لاعبي البادمنتون (الريشة الطائرة).تلعب المباراة بين فريقين يسمى كل فريق بـ«ريغو» ويتكون كل واحد منهما من ثلاثة لاعبين ولاعب احتياطي، وتتضمن كل مباراة ثلاث جولات كما هي الحال في لعبة البادمنتون، ويسمح لثلاثة لاعبين فقط من كل فريق بالتواجد على أرض الملعب وقد يطلب إلى اللاعب البديل أن يلتحق بالملعب في أية لحظة أثناء المباراة، ولكن لا يسمح بإجراء أي تبديل آخر بعد ذلك، ويعتبر فائزاً في الريغو والزوجي من ينال جولتين من أصل ثلاث.أما في مسابقة الفرق، فالوضع أكثر تعقيداً، حيث يضم كل فريق ثلاث مجموعات كل واحدة منها مكونة من ثلاثة لاعبين أساسيين ولاعب احتياطي، أي ما مجموعه 12 لاعباً، حيث تلعب أول مجموعتين من كل فريق مباراة من ثلاثة أشواط، ويتم احتساب النقاط للمجموعة الرابحة، ثم تلعب المجموعتان الأخريان من كل فريق، وكذلك تسجل النقاط للمجموعة الرابحة.وإذا ما أحرزت مجموعتان تنتميان لفريق واحد التقدم في اللقاءين الأولين تحسم النتيجة لهذا الفريق ويكون فائزاً، وبذلك تنتهي المباراة من دون الحاجة للقاء المجموعتين الأخيرتين، أما في حال فوز مجموعة من كل فريق، فآنذاك يكون التعادل، ويتعين على المجموعتين الأخيرتين خوض لقاء ثالث فوز أحد أطرافه يحسم النتيجة لصالحه.تحتسب النقاط كما في لعبة الكرة الطائرة، بحيث تمنح نقطة لأي فريق يستطيع إسقاط الكرة في أرض خصمه، أو تحتسب نقطة لمصلحة الفريق الآخر لو اصطدمت كرته بالشباك. ويفوز بالشوط الفريق الذي يحصل على 21 نقطة. ويفوز بالمباراة من يفوز بشوطين من أصل ثلاثة أشواط.في حال التعادل 20/20 في أحد الشوطين الأولين، يمدد الشوط لحين تفوق أحد الفريقين بفارق نقطتين، وينتهي بحصول أحدهما على النقطة 25، كحد الأقصى.ويفوز بالشوط الثالث من يحصل على 15 نقطة، وفي حال التعادل 13/13 يمدد الشوط لحين تفوق أحد الفريقين بفارق ثلاث نقاط، وينتهي بحصول أحدهما على 17 نقطة بالحد الأقصى.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version