ألقى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الثلاثاء، كلمة في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في دورته الثانية، الذي تستضيفه المملكة الأردنية في منطقة البحر الميت، بحضور عدد من قادة وممثلي الدول والمنظمات العربية والإقليمية والدولية.

وعبر العاهل الأردني خلال كلمته بافتتاح المؤتمر، عن اعتزاز الأردن باستضافة المؤتمر، والذي يعكس المكانة الخاصة للعراق الشقيق بالنسبة للمملكة، مثمناً تعاون رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوادني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعقد هذا المؤتمر المهم.

ولفت إلى دور العراق المحوري والرئيسي في المنطقة وفي تقريب وجهات النظر لتعزيز التعاون الإقليمي، مبيناً أن انعقاد المؤتمر يؤكد تصميم الجميع على العمل مع العراق حكومة وشعباً من أجل مزيد من الازدهار والتكامل.

واعتبر الملك أن المؤتمر يمثل فرصة للبناء على مخرجات مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، الذي انعقد العام الماضي، ويعيد التأكيد على دعم المشاركين لجهود العراق في مواصلة مسيرته نحو التنمية والازدهار وتعزيز أمنه واستقراره واحترام سيادته.

وأشار الملك إلى أن المؤتمر ينعقد في وقت تواجه فيه المنطقة الأزمات الأمنية والسياسية، وتحديات الأمن الغذائي والمائي والصحي، إضافة إلى الحاجة لتأمين إمدادات الطاقة وسلاسل التوريد والتعامل مع تداعيات التغير المناخي.

وشدد الملك عبدالله الثاني، على إيمان الأردن بحاجة المنطقة إلى الاستقرار والسلام العادل والشامل والتعاون الإقليمي، خاصة في المجالات الاقتصادية والتنموية ومعالجة قضايا الفقر والبطالة، مبيناً أن مواجهة التحديات المشتركة تستدعي عملاً جماعياً تلمس شعوبنا آثاره الإيجابية.

وأشار إلى مشاريع التعاون بين الأردن والعراق، إضافة إلى الأشقاء العرب سواء في قطاعات الطاقة أو الصناعة أو النقل، والتي تعززت من خلال آلية التعاون الثلاثي بين الأردن ومصر والعراق.

وختم الملك: «إن التحديات التي تواجهنا كثيرة وتزداد تعقيداً، لكننا نؤمن أيضاً بأن هذا المؤتمر ينعقد من أجل خدمة مصالحنا المشتركة، لضمان أمن العراق وازدهاره واستقراره ركناً أساسياً في منطقتنا، ونتطلع لمواصلة العمل معكم لتعميق شراكاتنا خدمة لشعوبنا».

ويشارك في المؤتمر، الرئيس المصري، والرئيس الفرنسي، ورئيس مجلس الوزراء العراقي، وحاكم رأس الخيمة في دولة الإمارات، ورئيس مجلس الوزراء الكويتي، ووزراء خارجية السعودية وعُمان والبحرين وقطر وإيران.

إرساء الاستقرار والتنمية بالمنطقة

وقال رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في كلمته بالمؤتمر: إن فكرة تأسيس «مؤتمر بغداد 2» تنطلق من رغبة العراق في إرساء وتعزيز قواعد التعاون والشراكة مع دول الجوار والصديقة.

وأضاف: «نجتمع اليوم في عمّان والأمل يحدونا بالمضي نحو تعزيز مسيرة العلاقات بين دولنا في مختلف المجالات، وتطوير وتيرتها بالشكل الذي يُسهم في إرساء قواعد الاستقرار والتنمية في المنطقة، ويفتح المجال واسعاً أمام سبل الحوار والنقاش لتبادل الآراء وتعميق المفاهيم».

وتابع: «فكرة تأسيس مؤتمر بغداد تنطلق من رغبة العراق في إرساء وتعزيز قواعد التعاون والشراكة بينه وبين دول الجوار الجغرافي والإقليمي، إضافة إلى الدول الصديقة، لافتاً إلى أن حكومته تتبنى نهجاً منفتحاً يهدف إلى بناء شراكات إقليمية ودولية مبنية على المصالح المشتركة، بما في ذلك إنشاء المشاريع الاستراتيجية التكاملية لربط العراق مع محيطه الإقليمي.

وأردف: نرى أن الأولوية الآن تكمن في تعزيز أواصر التعاون والشراكة بين دولنا، من خلال الترابط في البنى التحتية والتكامل الاقتصادي والاستثمارات المتبادلة التي تعزز روابط الأخوة والصداقة بين دولنا وشعوبنا، ونسعى للعمل معاً للتحول من دول مستهلكة إلى مصنعة، من خلال إنشاء مناطق صناعية مشتركة، تعزز قدرتنا الصناعية المشتركة، وتربط سلاسل القيمة المضافة لكل منا، ضمن سلسلة متكاملة قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية؛ وإطلاق المشاريع العملاقة في شتى القطاعات.

محركات الاقتصاد في المنطقة

وبين السوداني، أنه من الضروري التركيز على قطاع الخدمات وتطويره واعتباره أحد أهم محركات الاقتصاد في دولنا ومنطقتنا، إضافة إلى معالجة مشكلة البطالة من خلال تنمية القطاع الخاص المنتِج وتحسين ظروف العمل فيه، وتوفير الضمانات للعاملين.

وأضاف: «على الصعيد الداخلي، وضعنا مكافحة الفساد المالي والإداري في صلب أولوياتنا، وقد بدأنا عملياً حملة مكافحة الفساد، بدءاً من أعلى المستويات، ونطلب من الدول الشقيقة والصديقة مساعدتنا على استرداد أموال العراق المنهوبة والمهربة، وتسليم المطلوبين الذين يتخذون من هذه الدول محل إقامة لهم».

ولفت إلى أن الحكومة تعمل بجد على تحسين البيئة الاستثمارية في العراق، من حيث التشريعات والإجراءات والضمانات، لتمكين المستثمرين من دخول أسواقنا والإفادة من الفرص الكبيرة فيه، مشيراً إلى أن البيئة الاستثمارية الملائمة بحاجة إلى استتباب الأمن، وقد حققنا الاستقرار الأمني في العراق بعد الانتصارات الكبيرة على فلول الإرهاب والجماعات التكفيرية، ولا يفوتني هنا أن أقف إجلالاً للدماء الزكية والتضحيات التي بذلتها قواتنا المسلحة، دفاعاً عن النفس والمنطقة والعالم.

وأوضح: لا بد لنا جميعاً من مواصلة العمل المشترك والتكاتف لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله، ووضع آليات وبرامج حقيقية لفضح النوايا الخبيثة للإرهابيين الذين يجندون الشباب بأفكارهم الهدامة.

وذكر السوداني: العراق يواجه تهديداً وجودياً بسبب شُح المياه، وإننا عازمون على العمل الجاد مع جيراننا في الجمهورية التركية والجمهوريةِ الإسلامية الإيرانية لضمان أمننا المائي، والتوصل إلى أفضل السبل للإدارة المشتركة للموارد المائية العابرة للحدود، ووصول حصتنا المائية وفق الاتفاقيات والقوانين الدولية، وبالتوازي مع ذلك بدأنا بأخذ الخطوات العملية لتعزيز استخدام أنظمة الري الحديثة وإيقاف هدر المياه في الخزن والزراعة.

دعم الحوار وتعزيز الدبلوماسية

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في كلمته في المؤتمر، أن الأردن يلعب دوراً محورياً في دعم الحوار وتعزيز الدبلوماسية في المنطقة.

وأضاف: «المنطقة تتحول إلى مركز ثقل دبلوماسي وتعزز دورها في الاستقرار العالمي»، مشيراً إلى أن الدول المشاركة في المؤتمر تسعى جميعها إلى إرساء الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة، مؤكداً التزام الجميع بعلاقات متوازنة مع العراق.

وقال: «إذا أردنا ضمان استقرار العراق فعلينا حل المشكلات مع جيرانه»، مبيناً أن هذه المنطقة تمتلك كل ما يجعلها تمتلك أجندة تيجعلها تشترك في القرارات الدولية.

تحسن الأوضاع في العراق

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: «يلتئم هذا الجمع الكريم للمرة الثانية بعد قمتنا الأولى التي احتضنتها بغداد في آب عام 2021، حين تعهدنا معاً بدعم الجهود الوطنية لأشقائنا في العراق حكومة وشعباً في سبيل تحقيق أمن واستقرار بلادهم وحفاظ سيادتها واستعادة مكانتها التاريخية، ودورها العربي والإقليمي الفاعل».

وأضاف: «يأتي اجتماعنا اليوم، ونحن نشهد تحسناً ملحوظاً في الأوضاع بالعراق، وأغتنم هذه المناسبة لكي أتقدم بخالص التهنئة إلى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وإلى الشعب العراقي العزيز على استكمال مراحل الاستحقاق الدستورية وبما يفتح المجال للانطلاق نحو المستقبل».

وثمن الرئيس السيسي، الجهود والتضحيات الباسلة والغالية التي تكبدها الشعب العراقى الشقيق في مواجهة القضاء على مشروع الإرهاب، مؤكداً رفض مصر الكامل لأي تدخل في شؤون العراق.

وجدد الرئيس المصري، دعم مصر الكامل للجهود الدؤوبة التي تسهم بشكل ملموس في ترسيخ ومفهوم الوطن الآمن.

دعم العراق

وأكد رئيس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، أن المجتمع الدولي مهتم باستقرار العراق.

وقال في كلمته، إن الدول العربية تدرك مكانة العراق وأهميته، مشيراً إلى أن الدول العربية تسعى لاستعادة دور العراق الفاعل في المنطقة.

ولفت إلى أن اتفاقية الربط الكهربائي مع العراق يعد مثالاً للسعي في استعادة دوره وأهميته، مشيراً إلى السعي لدعم العراق في جميع المجالات، وأن أمن البلدين لا يتجزأ.

وتابع: «زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى الكويت لها دلالات واضحة في الحرص على تطوير العلاقات بين البلدين».

دعم العراق اقتصادياً وتنموياً

أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أن السعودية تدعم جهود رئيس الوزراء العراقي في مواجهة التحديات.

وقال ابن فرحان في كلمته إن السعودية تقف إلى جانب العراق لاستعادة مكانته التاريخية، معرباً عن رغبة بلاده في استمرار مسيرة التعاون مع العراق.

وأضاف أن السعودية تعتزم بالمضي قدماً للعمل على فتح آفاق جديدة مع العراق ودعم تفعيل مشاريع الربط الكهربائي مع العراق، مشيراً إلى أن بلاده لن تدخر أي جهد لدعم مسيرة العراق الاقتصادية والتنموية، وأن السعودية تؤكد رفضها التام لأي اعتداء على أي شبر من أرض العراق.

وأكد وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني، الحرص على تعزيز التعاون والشراكة الدولية مع العراق والمحافظة على أمنه واستقراره وسيادته ووحدة وسلامة أراضيه، لاستعادة دوره المحوري قوةً فاعلة وإيجابية في محيطه العربي والإقليمي والدولي.

وقال: إن استقرار العراق جزء لا يتجزأ من أمننا القومي الخليجي والعربي في هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية من العالم، إيماناً بما يجمعنا مع هذا البلد الشقيق بتاريخ وحضارته العريقة من أخوية ومصالح مشتركة ووحدة الهدف والمصير.

وأكد حرص البحرين على دعم كامل جهود العراق في تعزيز الإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار ومواصله نجاحاته في جحر التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، وعدم السماح بإساءة استغلال أراضي الغير في تهديد الأمن القومي العربي.

وشدد على مبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل وفقاً للقانون الدولي وتغليف لغة الحوار والنهج السلمي في تسوية الخلافات، ونبذ الدعوات المثيرة للفرقة والكراهية الدينية والطائفية. والتعاون الثلاثي بين كل من الأردن ومصر والعراق، وما تم الاتفاق بشأنه من المشروعات الاقتصادية المهمة في مجال الربط الكهربائي ومن الطاقة والأمن الغذائي.

الحوار والتعاون بين دول الإقليم

قال وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان، إن الحوار والتعاون بين دول الإقليم ليس خياراً؛ بل هو ضرورة ملحة، وأضاف أن استقرار وهدوء إيران يرتبط باستقرار وأمن المنطقة بأسرها.

وأكد عبداللهيان، أن سياسة إيران الثابتة هي تجنب الحرب، والعمل على استعادة الأمن والاستقرار.

وأشار إلى أنه منذ بدء حكومة إيران الجديدة عملها طورت علاقتها مع الدول المجاورة ومنها العراق، وتؤكد دعم حكومة العراق للرقي والازدهار.

وأوضح أن ارتفاع التبادل التجاري والاجتماعات المتبادلة مع كبار المسؤولين في المنطقة وعقد اللجان السياسية الاقتصادية المشتركة وتعزيز أوجه التعاون، يدل على اهتمام الجمهورية الإيرانية بجيرانها في المنطقة.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version