شهد عام 2022 العديد من التقنيات الثورية على صعيد الرياضة والفن والأجهزة الشخصية والعملات الرقمية والترفيه والواقع المعزز وعالم «ميتافيرس» الافتراضي، وسط مخاوف من اختراق خصوصية المستخدمين وقرب انتهاء عصر كلمات السر. وسنستعرض في هذا الموضوع مراجعة لأبرز ما حدث في العالم التقني خلال هذا العام.

نظم ذكية
* بطولة كرة قدم «ذكية»: بداية جرى استخدام التقنيات الحديثة في «بطولة كأس العالم لكرة القدم (FIFA 2022)» في قطر؛ منها تقنية حكم التسلل شبه الآلي، للتعرف على حالات التسلل وتمثيلها فورياً مرجعاً للتحكيم، إلى جانب استخدام مستشعر في الكرة يرسل البيانات لاسلكياً بمعدل 500 مرة في الثانية إلى أجهزة مختصة لتحليلها وتحديد متى جرى ركل الكرة في حالات التسلل، وقياس سرعة الركلات، وتحليل بيانات خاصة لكل لاعب على حدة.
* رسومات آلية: انتشرت في عام 2022 خدمات الرسم الذكي الذي يستخدم تقنيات الذكاء الصناعي لتحليل مجموعة من الكلمات الوصفية بهدف إيجاد مجموعة من الرسومات الرقمية المبهرة في ثوان. ومن شأن هذه التقنية تسهيل دخول كثيرين إلى عالم الفن وتسريع عملية إيجاد الرسومات الفنية للوحات الرقمية والملصقات الإعلانية والألعاب الإلكترونية وأغلفة الألبومات الموسيقية، وغيرها من المجالات الأخرى. ولكن هذا الأمر أغضب الفنانين الذين رأوا فيه تهديداً كبيراً لمهاراتهم وإبداعاتهم، خصوصاً أن الذكاء الصناعي يستطيع محاكاة أساليب رسم مختلفة وبنتائج رائعة. ومن منصات الفن الرقمي الذي يستند إلى الذكاء الصناعي «Dall-E 2» و«Nightcafe» و«Deep Dream Generator» و«Artbreeder» و«Stablecog» و«DeepAI» و«StarryAI» و«Fotor» و«Runway ML» و«Wombo Dream» و«Stable Diffusion» و«Jasper Art» و«MidJourney» و«Photosonic»… وغيرها.
* عدسات لاصقة بالواقع المعزز: بدأت العدسات اللاصقة الذكية الظهور على شكل نموذج تجريبي، حيث استعرضت شركة «موجو فيجن (Mojo Vision)» عدسات لاصقة مدعومة بتقنية الواقع المعزز (Augmented Reality) من شأنها إلغاء نظارات الواقع المعزز بشكل مباشر، وتقديم تجارب رقمية جديدة تنقل هذه التقنية إلى مستوى جديد. وتستطيع هذه العدسات متابعة حركة العين بدقة كبيرة للمساعدة في ثبات عناصر الصورة الرقمية أمام المستخدم. ويمكن من خلال هذه العدسات اللاصقة الثورية التفاعل بسهولة مع بوصلة لتحديد الاتجاهات، ومعاينة الصور، وقراءة النصوص من على العدسة، وحتى عرض ترجمة المحادثات مع الآخرين بلغات مختلفة، وعرض ملاحظات عروض التقديم… وغيرها من التطبيقات المفيدة الأخرى.

الحوسبة الشخصية
* أجهزة شخصية: كما شهد هذا العام إطلاق العديد من الأجهزة الشخصية المتقدمة، منها هواتف «سامسونغ غالاكسي زد فولد 4 (Galaxy Z Fold4)» و«غالاكسي زد فليب 4 (Galaxy Z Flip4)» بشاشات تنطوي طولياً وأفقياً، وهي أجهزة ذات مواصفات متقدمة بتجربة استخدام سلسلة ونضوج تقني على جميع الأصعدة. وطرحت الشركة كذلك سلسلة هواتفها المتقدمة «غالاكسي إس 22 (Galaxy S22)» بإصدارات مختلفة للمستخدمين الذين يبحثون عن تجربة استخدام بشاشة مسطحة، وهي أولى الهواتف في سلسلة «غالاكسي إس» بقلم ذكي؛ الأمر الذي يشكل نقطة تحول بعيداً من سلسلة هواتف «غالاكسي نوت (Galaxy Note)» التي كانت تتفرد بهذه الميزة.
من جهتها؛ أطلقت «أبل» سلسلة هواتف «آيفون 14 (iPhone)» بإصدارات مختلفة ومعالج متقدم، إلى جانب كومبيوترات «ماكبوك إير» و«ماكبوك برو»، وأجهزة «آيباد إير» و«آيباد برو» اللوحية، وشاشات «استوديو ديسبلاي» للرسامين والمصممين، وساعة «أبل ووتش»، وسماعات «إيربودز برو 2».
* نظارات الواقع الافتراضي للألعاب: من جهتها كشفت «بلايستيشن» عن استعدادها لإطلاق نظارات الواقع الافتراضي «بلايستيشن في آر2 (PlayStation VR2)» في فبراير (شباط) المقبل، والتي تتصل بجهاز «بلايستيشن 5» لتقديم تجربة عالم افتراضي متقدمة وسلسة. وبدأت تقنية «Bluetooth LE Audio» بالانتشار في هواتف المستخدمين بعد اكتمال معاييرها، والتي تشكل أكبر تطور في مجال الصوتيات اللاسلكية بسبب دعمها مزايا متقدمة تشمل اتصال عدد لا نهائي من الملحقات بمصدر صوتي واحد. وسنشهد انطلاق جيل جديد من السماعات الرأسية وسماعات الأذن اللاسلكية ذي جودة صوتية أعلى وكفاءة طاقة أكبر.

معالجات وبرمجيات
* معالجات ثورية: وأطلقت شركات صناعة معالجات الكومبيوترات معالجات ثورية حديثة للمستخدمين، مثل سلسلة معالجات «الجيل الـ13» من «إنتل»، وسلسلة معالجات «رايزن 7000 (Ryzen 7000)» من «إيه إم دي». وتدعم هذه المعالجات الجديدة تقنية «DDR5» لتقديم سرعات فائقة لعمل الذاكرة، ومعمارية «PCIe 5» التي تقدم سرعات نقل فائقة للبيانات بين وحدات الكومبيوتر، خصوصاً بطاقات الرسومات ووحدات التخزين فائقة السرعة «NVMe» الجديدة التي تقرأ البيانات بسرعات تصل إلى أكثر من 10 غيغابايت في الثانية وتكتبها بسرعات تصل إلى نحو 9.5 غيغابايت في الثانية. ومن شأن هذه التقنيات نقل الحوسبة الشخصية إلى مستويات غير مسبوقة من الأداء؛ سواء على صعيد استخدام التطبيقات المتطلبة لتحرير عروض الفيديو فائقة الدقة 4K وخفض زمن إعداد مراحل الألعاب الإلكترونية الضخمة من دقائق إلى نحو ثانية أو ثانيتين فقط. وتعمل بعض هذه المعالجات بسرعات تصل إلى 5.8 غيغاهرتز وتقدم نوى يصل عددها إلى 24.
* بطاقات الرسومات: من جهتها؛ أطلقت شركات صناعة بطاقات الرسومات جيلاً جديداً من وحدات الرسومات ينقل التجارب إلى مستويات غير مسبوقة، مثل سلسلة بطاقات «إنفيديا جيفورس آرتي إكس 4000 (NVIDIA GeForce RTX 4000)» و«إيه إم دي آر إكس 7000 (AMD RX 7000)» التي تقدم قفزات تقنية نوعية للاعبين والمبرمجين والطلاب وصناع المحتوى وتطويراً غير مسبوق للألعاب الحديثة والقديمة.
وشهد عام 2022 استمرار شح تصنيع الرقائق الإلكترونية؛ الأمر الذي أثر سلباً على سرعة إنتاجها وتسليمها لجميع الشركات المصنعة للأجهزة والمركبات المختلفة، وبالتالي رفع أسعار تلك المنتجات وعدم توافرها في الأسواق بكميات تلبي الطلب. إلا إن نهاية العام شهدت بعض الانفراج في ذلك، وبدأت الأجهزة المختلفة تتوافر بشكل مستمر، مع البدء في انخفاض أسعارها بعض الشيء، خصوصاً في مجال المعالجات وأجهزة الألعاب الإلكترونية.
* برمجيات متقدمة: وعلى صعيد البرمجيات، أطلقت شركة «إبيك غايمز (Epic Games)» الإصدار المطور لمحرك تطوير الألعاب المجاني «أنريل إنجين 5 (Unreal Engine 5)» الذي يقدم قفزة ثورية في عالم الرسومات الرقمية للألعاب الإلكترونية والأفلام ثلاثية الأبعاد بفضل التقنيات المتقدمة التي يدعمها. وتستطيع هذه التقنيات تسريع صناعة الرسومات وتسهيل تلك العملية بشكل كبير جداً، إلى جانب سهولة معالجة مسائل تقنية مضنية للمبرمجين والرسامين. ويقدم المحرك رسومات حقيقية وتسريع برمجة الألعاب بتصوير المبرمج لعناصر من البيئة الحقيقية وتحويل الصورة إلى مجسم رقمي بتفاصيل دقيقة. هذا الأمر من شأنه تسريع عملية صناعة العناصر المجسمة ورفع مستوى واقعيتها بشكل غير مسبوق في عالمي الأفلام المجسمة والألعاب الرقمية.

انهيارات تقنية
* التعدين وانهيار العملات الرقمية: شهد هذا العام انهياراً كبيراً في عالم الرموز غير القابلة للاستبدال «Non-Fungible Tokens NFT» والعملات المشفرة، حيث انخفضت قيمها بشكل كبير من 46 ألف دولار للعملة الواحدة في نهاية عام 2021 إلى نحو 16 ألف دولار في نوفمبر (تشرين الأول) الماضي. وانهارت منصة العملات المشفرة «FTX» التي قدرت قيمتها بـ32 مليار دولار وفقدت نحو 662 مليون دولار في نوفمبر الماضي جراء عمليات سحب غير اعتيادية، وتقدمت بطلب للحماية من إفلاسها؛ الأمر الذي يعمق جراح سوق العملات المشفرة.
وشهدنا أيضاً تحولاً جذرياً في آلية التعدين عن العملات الرقمية التي كانت تتطلب كميات كبيرة من الطاقة، لتتحول إلى آلية جديدة تتمثل في إثبات حصة «Proof of Stake» لتأكيد العمليات، وهي آلية لا تستهلك طاقة كبيرة مقارنة بالآلية السابقة. وتحولت عملة «إيثيروم (Ethereum)» إلى هذه الآلية خلال العام، وخفضت استخدام الطاقة بنسبة 99.95 في المائة. هذا الأمر أثر على عمليات التعدين الكبيرة التي كانت مجموعات عديدة تقوم بها، وجعلتهم يقومون ببيع بطاقات الرسومات التي كانوا يستخدمونها لتسريع عملية التعدين؛ الأمر الذي انعكس بالإيجاب على توافر البطاقات الجديدة في الأسواق وانخفاض أسعارها جراء الانخفاض المفاجئ في الطلب عليها.
* تراجع «ميتافيرس»: وشهدت شركة «ميتا (Meta)» انهياراً كبيراً في قيمتها السوقية بنحو 65 مليار دولار جراء تشكيك المستثمرين في نجاح عالم «ميتافيرس (Metaverse)» الذي تعمل عليه الشركة، وجراء الاستثمارات الضخمة التي تضخها الشركة لإطلاق هذا العالم. وترى الشركة أن هذا العالم يحتاج إلى ما بين 5 و10 أعوام ليصبح منتشراً بشكل كبير. وحصلت «ميتا» على مئات براءات الاختراع التي تهدف إلى تعزيز واقعية عالمها الافتراضي التفاعلي الذي تخطط له، وتتيح رفع ووضع الأشياء أو ارتداء ملابس يبدو عليها التجعيد أثناء الحركة، إلى جانب تطوير تقنيات ترسم ملامح وجه الشخص بشكل دقيق وتحاكي تعابير وجهه أثناء الكلام، وهي تقنيات غير جاهزة للإطلاق إلى الآن. واستعرضت الشركة مجموعة من نظارات الواقع الافتراضي المقبلة التي من شأنها تطوير تجربة العالم الافتراضي بشكل كبير.
وبالحديث عن عالم «ميتافيرس» من شركة «ميتا» الأميركية، تعمل الصين على تطوير «ميتافيرس» بمواصفات صينية قد يتحول في نهاية المطاف إلى سوق بقيمة 8 تريليونات دولار. وأعلنت حكومة شنغهاي أن «ميتافيرس» سيكون جزءاً من «خطة السنوات الخمس» الـ14 لتطوير صناعة المعلومات الإلكترونية، وواحداً من 4 مجالات جديدة للاستكشاف. ويختلف «ميتافيرس» الصيني عن غيره بعامل جوهري؛ هو السيطرة الحكومية والرقابة السياسية وفق استراتيجية تنظيمية.
* زوبعة «تويتر»: استحوذ الملياردير إيلون ماسك على شبكة «تويتر» لقاء 44 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأثار زوبعة من الجدل حول بعض القرارات التي اتخذها، مثل الدفع لقاء توثيق الحسابات، وآلية حجب المحتوى غير الدقيق، وحجب حسابات 6 صحافيين، وإعادة حسابات محجوبة، وطرد أكثر من 3700 ألف موظف من الشركة في يوم واحد… وغيرها. وقامت العديد من الشركات بإيقاف حملاتها الإعلانية في «تويتر»، وأغلق العديد من المشاهير حساباتهم في «تويتر» احتجاجاً على السياسيات الجديدة. ولكنه أعلن في 19 ديسمبر (كانون الأول) استقالته من رئاسة مجلس إدارة «تويتر» بعد إجراء استطلاع للرأي حول تنحيه من منصبه رئيساً لمنصة «تويتر»، حيث صوت أكثر من 10 ملايين شخص بـ«نعم» على تنحيه، وبنسبة 57.5 في المائة من أصل 17.5 مليون مشاركة.

الأمن والخصوصية
وبدأنا نلاحظ انتشار تقنيات توثيق متنوعة من شأنها التخلي عن كلمات السر التي كثيراً ما تتم سرقتها أو اختراقها. وتقوم العديد من الشركات؛ من بينها «غوغل» و«مايكروسوفت»، بتقديم خيار إرسال رمز إلى تطبيق توثيق خاص بها على الهواتف المحمولة «Authenticator App»، والطلب من المستخدم اختيار ذلك الرمز من بين مجموعة من الرموز المختلفة للدخول إلى حسابه. وتقدم خدمات أخرى خيار إرسال رسالة إلى هاتف المستخدم لإدخاله إلى حسابه، وغيرها من الطرق الأخرى. ولن تختفي كلمات السر بين ليلة وضحاها، ولكن قد تكون هذه الآليات بداية انقراض كلمات السر التي اعتمدنا عليها لعقود والتي ينساها كثيرون.
وانتشرت عمليات تعقب الأفراد من خلال ملحق «إير تاغ (AirTag)» من «أبل»، بحيث يقوم اللصوص بوضع ملحق التعقب في سيارات وحقائب الأفراد وتعقب أماكنهم للتعرف على منازلهم وسرقتها أو سرقة سياراتهم، خلال وجودهم بعيداً منها، إلى جانب تهديدات الخصوصية والتعرف على أماكن وجودهم دون علمهم.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version