من طفولة صعبة لم يكمل فيها دراسته من أجل التفرّغ لكرة القدم قبل أن يفقد والده في سن العشرين مع بدء صعوده الى العالمية، عاش النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو مسيرة مرصّعة بالألقاب وصولاً إلى انتقاله الخيالي إلى النصر السعودي.
سيخرج رونالدو، الذي سيُقّدم مساء الثلاثاء لجماهير «العالمي» بملعب مرسول بارك في الرياض، في سن الـ37 من أوروبا وعمالقتها للمرة الأولى في مسيرته، بعد أن تعاقد النصر مع أفضل لاعب في العالم خمس مرات حتى عام 2025، بصفقة مقدّرة بأكثر من 200 مليون يورو سنوياً.
كان مستقبله غامضًا منذ مغادرته مانشستر يونايتد الإنجليزي بعد تدهور العلاقة مع النادي والمدرب في أواخر نوفمبر الفائت، قبل يومين من المباراة الأولى للبرتغال في كأس العالم 2022 في قطر التي ودعتها من الدور ربع النهائي على يد المغرب الذي أنهى حلم رونالدو بالتتويج باللقب العالمي.
بعد مسيرة مذهلة مع الأندية في سبورتينغ ومانشستر يونايتد وريال مدريد الإسباني ويوفنتوس الإيطالي، سجل خلالها 701 هدف، ها هو يخلي الساحة الأوروبية لغريمه الأزلي الارجنتيني ليونيل ميسي والفرنسي كيليان مبابي والبرازيلي نيمار وغيرهم للاستمرار في تألقهم في القارة العجوز.
قال عام 2015، في عز عطاءاته مع ريال مدريد، خلال مقابلة مع برنامج «ذي جوناثان روس شو» ردًا على سؤال عما إذا سيلعب خارج الأندية الكبرى عندما يخف وهجه «في ذهني، أريد أن أنهي (مسيرتي) في أعلى مستوى. أريد أن أنهيها بكرامة، في نادٍ جيد».
بألقابه الخمسة في دوري أبطال أوروبا (واحد مع مانشستر يونايتد وأربعة مع ريال مدريد)، فرض رونالدو نفسه لفترة طويلة ملك الكرة الأوروبية إلى جانب ميسي الفائز بالكرة الذهبية سبع مرات قياسية.
لكن المواسم الأخيرة أظهرت ملامح تراجع، إن كان مع يوفنتوس أو بعد عودته في صيف 2021 إلى مانشستر يونايتد لفترة ثانية، حيث كان يمنّي النفس بلعب دور البطل، فانتهى به الأمر بالقتال من أجل مكان أساسي في تشكيلة «الشياطين الحمر» قبل الرحيل.
مع مرور الأعوام، لم يعد رونالدو يتمتع بنفس القوة الدافعة وبات بعيدًا عن المراوغ الذي كان عليه في بداياته الكروية، فتحول الى قلب هجوم بغريزة تهديفية قاتلة قادته ليصبح أفضل هداف في تاريخ دوري أبطال أوروبا (140).
ومع 819 هدفًا في المباريات الرسمية (بينها 118 مع البرتغال في رقم قياسي وطني)، تجاوز رونالدو أيضًا الرقم الأسطوري المنسوب إلى «الملك» البرازيلي بيليه الذي توفي الخميس (767) وحقق رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا بتجاوزه الأهداف الـ805 التي سجلها التشيكي جوزيف بيكان.
بات في مونديال قطر أول لاعب في التاريخ يسجل في خمس نسخ من كأس العالم، عندما أحرز هدفه الوحيد من ركلة جزاء خلال الفوز على غانا في دور المجموعات.
طفولة قاسية
ذلك ليس بغريب على لاعب كان متعطشًا للنجاح منذ طفولته. أقرّت والدته ماريا دولوريس منذ سنوات أنها حاولت إجهاض رونالدو، الابن الاصغر بين أربعة أولاد، بسبب الفقر وإدمان والده على الكحول، لكن الطبيب رفض ذلك.
في الثانية عشرة من عمره، غادر رونالدو جزيرة ماديرا الصغيرة في المحيط الأطلسي حيث نشأ، ليستقر بمفرده في لشبونة وينضم الى أكاديمية سبورتينغ، قبل أن يترك المدرسة بعد عامين بالاتفاق مع والدته للتركيز على كرة القدم.
كان مخاضًا صعبًا للغاية بالنسبة لطفل هش وجد نفسه عرضة للسخرية من رفاقه في نادي سبورتينغ بسبب لهجته القوية.
في سن الـ15، تم تشخيصه بعدم انتظام دقات القلب، وهي حالة كان من الممكن أن تجبره على التخلي عن ممارسة كرة القدم، لكنه خضع لجراحة مهدّت الطريق أمام مسيرته المذهلة.
لعب لموسم واحد مع الفريق الاول في سبورتينغ قبل أن يلفت نظر المدرب الاسكتلندي أليكس فيرغوسون الذي ضمه الى مانشستر يونايتد في 2003. كرّر دائمًا أن «السير» كان بمثابة أب له بعد أن فقد والده عام 2005بسبب أمراض الكبد المرتبطة بإدمانه على الكحول عن عمر يناهز 52 عامًا.
حقق نجاحات غير مسبوقة مع مانشستر يونايتد الذي أطلقه الى العالمية وتوج معه بلقب دوري الابطال للمرة الاولى في 2008 والكرة الذهبية في العام ذاته، بالاضافة الى ثلاثة ألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز.
انتقل في 2009 إلى ريال مدريد حيث حطّم الارقام القياسية وأصبح أفضل هدّاف في تاريخ النادي الملكي (450) وشكّل منافسة رائعة مع ميسي عندما كان الأخير في صفوف برشلونة.
توّج في العاصمة الإسبانية بالكرة الذهبية أربع مرات (2013، 2014، 2016، 2017) ولقب الليغا مرتين ودوري الابطال أربع مرات والكأس المحلية مرتين بالاضافة إلى العديد من الانجازات الجماعية والفردية.
غادر الى يوفنتوس في 2018 بحثًا عن تحد جديد، ورغم عدم قدرته على قيادة النادي العجوز الى اللقب القاري، حقق معه لقبين في الدوري الإيطالي وكان أفضل هداف في «سيري أ» في موسم 2020-2021.
عاد إلى «الشياطين الحمر» في 2021 ليخوض تجربته الثانية معه، لكن نهاية هذا الكتاب لم تكن كالقصص الخيالية.
بعد فشل الفريق في التأهل إلى دوري الأبطال نهاية الموسم الماضي، حاول وفق وسائل إعلام ومقربين مغادرة أولد ترافورد الصيف. لكن الأندية الإنجليزية والأوروبية الكبيرة لم تقدم عروضًا للاعب الذي لم يعد يقدم مستوياته المعهودة ويتقاضى راتبًا أسبوعيًا يبلغ حوالي 500 ألف جنيه إسترليني (593 ألف دولار).
تراجع دوره في التشكيلة منذ تولي المدرب الهولندي إريك تن هاغ المسؤولية في صيف 2022 وعوقب هذا الموسم بايقافه عن مباراة تشيلسي لرفضه الدخول كبديل في الفوز ضد توتنهام.
ورغم عودته إلى الفريق، فجّر فنبلة مدوية قبل أيام من كأس العالم في مقابلة مع الإعلامي البريطاني بيرس مورغان قال فيها إنه لا يكن احترامًا للمدرب ما مهّد الى بداية نهايته مع الفريق.
في تلك المقابلة ذاتها، يقول مورغان «تريد أن تستمر في اللعب على أعلى مستوى، في اللعب في دوري أبطال أوروبا والاستمرار في تحطيم الارقام….لو كان الأمر يتعلق بالمال، لكنت في السعودية.. ولكن ليس ذلك ما يحفّزك. تريد أن تبقى في القمة».
يرد رونالدو «بالطبع، لأنني لا زلت أؤمن أني قادر على تسجيل الكثير والكثير من الاهداف وأساعد الفرق والمنتخب الوطني».
هل أراد رونالدو فعلاً البقاء في القمة ولم يجد كبيراً أوروبياً يضمّه؟ ام انه لم يجد اي خيار آخر أمام هذه الصفقة القياسية؟ ومع ابتعاد ميسي بـ11 هدفًا فقط عنه في ترتيب هدافي دوري الابطال عبر التاريخ، هل يرى رونالدو غريمه الأزلي، لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي، يحطم رقمه القياسي كما شاهده يرفع كأس العالم في قطر؟
أخبار شائعة
- ترامب يعين المنتج "المبتدئ" مبعوثا خاصا إلى بريطانيا
- تنكيس الأعلام في ألمانيا حدادا على ضحايا هجوم "عيد الميلاد"
- قصف إسرئيلي "غير مسبوق" على مستشفى كمال عدوان في غزة
- تعادل مثير بين قطر والإمارات في افتتاح مشوارهما بكأس الخليج 26
- الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء
- زلزال عنيف يهز فاناتو بالمحيط الهادئ
- القادسية بطل كرة الماء الشاطئية المفتوحة
- فيديو.. لحظة اعتقال منفد هجوم "أعياد الميلاد" في ألمانيا