ممفيس – وكالات
نشرت سلطات مدينة ممفيس الأمريكية، الجمعة، مقطع فيديو مؤلماً يظهر شرطيين يضربون رجلاً أسود في التاسعة والعشرين ضرباً أفضى إلى وفاته، ما أعاد إلى الأذهان حادثة «جورج فلويد» الشهيرة، وأثار احتجاجات في مدن عدة، تنديداً بسلوك الشرطة دون أن تتطور إلى اضطرابات كان يخشاها المسؤولون.
ويُظهر مقطع فيديو طويل التُقط بكاميرات الشرطة وكاميرا لمراقبة الشوارع عناصر الشرطة يعتقلون نيكولز، ويحاولون تثبيته باستخدام صاعق ثم مطاردته بعد محاولته الفرار منهم. وتظهر مشاهد لاحقة من الفيديو الذي يمتد قرابة الساعة، وتُسمع في أجزاء منه أصوات، نيكولز وهو يبكي وينادي والدته، ويئن بينما كان الشرطيون ينهالون عليه لكماً وركلاً.
وكان وسط مدينة ممفيس هادئاً، السبت، ولم تفتح إلا بضعة متاجر، فيما بقيت أخرى مغلقة، بعد تظاهرات سلمية، الجمعة.
وقال رائد الأعمال الإفريقي الأمريكي في ممفيس أندرو لويس (29 عاماً)، إن مشاهدة الفيديو فطرت قلبه، موضحاً: «لا تعرف حقاً إلى أي مدى يمكن أن يضرب الناس رجلاً لمدة 30 دقيقة أو أكثر».
وقالت نانسي شولت (69 عاماً) التي تعمل في فندق في وسط ممفيس، إنها فقدت احترامها لشرطة المدينة، بعد مشاهدة اللقطات. وأضافت: «إنه لأمر مروّع. مشاهدة خمسة رجال كبار البنية يضربون الرجل».
ووجهت إلى خمسة من عناصر شرطة ممفيس، وجميعهم أيضاً من السود، تهمة القتل من الدرجة الثانية، لإقدامهم على ضرب تايري نيكولز، الذي توفي في المستشفى، بعد ثلاثة أيام من توقيفه بشبهة القيادة المتهورة.
وخلال مؤتمر صحفي، الجمعة، دعت والدة الضحية روفون ويلز إلى التزام الهدوء، لكنها توجهت إلى الشرطيين الذين ضربوا ابنها «حتى الموت» على حد تعبيرها، بالقول: «تسببتم بالعار لعائلاتكم بفعلتكم». وقالت ويلز: «قلبي يعتصر ألماً أن تعرف أم أن ابنها كان يناديها في وقت الحاجة، ولم أكن بجانبه». وأضافت: «ابني كان طيب القلب. كان صالحاً. لا يوجد إنسان كامل، لكنه كان قريباً من ذلك».
وقال السيناتور جو مانشين في بيان السبت: «شهدنا لفترة طويلة جداً هذه الأفعال غير المفهومة من الذين أقسموا على حمايتنا، ويجب أن ينتهي ذلك»، مضيفاً: «لا يمكن أن تكون هذه أمريكا التي نكافح من أجلها».
واتهم محامي العائلة بنجامين كرامب، الشرطة بالتستر على أفعال عناصرها، مشدداً على أن نيكولز لم ينتهك قواعد المرور، أو يمسك بنادق العناصر، كما تقول الشرطة. وقال:«هذا استنتاجنا بعد مشاهدة الفيديو مرات: لم يكن يحاول قط أخذ بنادق هؤلاء الشرطيين».
واعتبر كرامب، أن مقتل نيكولز، يعكس ثقافة إفلات الشرطة من العقاب في قضايا الاعتداء على الأشخاص غير البيض في الولايات المتحدة. وأضاف: «إنها ثقافة عمل الشرطة. لا يهم ما إذا كان الشرطيون من السود أو من أصل إسباني أو من البيض. هناك بعض التلميحات وبعض القواعد غير المكتوبة تسمح باستخدام القوة المفرطة ضد أشخاص من عرق معين».
وخرجت احتجاجات في ممفيس وواشنطن ونيويورك وفيلادلفيا وأتلانتا ومدن أخرى، الجمعة، وإن بقيت محدودة وسلمية إلى حد كبير. في وسط ممفيس، تجمع نحو 50 متظاهراً في حديقة عامة، وأغلقوا لاحقاً طريقاً رئيسياً، وساروا هاتفين «لا عدالة، لا سلام» و«قولوا اسمه: تايري نيكولز».
وقال البيت الأبيض، إن كبار موظفيه عرضوا على رؤساء بلديات أكثر من 12 مدينة، من بينها أتلانتا وشيكاغو وفيلادلفيا تقديم مساعدة فيدرالية في حال خروج تظاهرات. وقارنت قائدة شرطة ممفيس سيريلين ديفيس الفيديو بمشاهد ضرب رودني كينغ عام 1991، والتي أعقبتها أيام من أعمال شغب خلفت عشرات القتلى.
وقالت ديفيس: «كنت في أجهزة تطبيق القانون أثناء حادثة رودني كينج، وهذا يشبه كثيراً ذلك النوع من السلوك»، مضيفة: «بل أقول إنه نفس السلوك إن لم يكن أسوأ».
وأعاد مقتل نيكولز، إلى الأذهان حادثة مقتل جورج فلويد الشهيرة في عام 2020 على يد الشرطة، والتي تسببت بأعمال عنف واحتجاجات في الولايات المتحدة وخارجها.