بالتوازي مع النتائج المأساوية التي خلفها الزلزال، الذي أصاب سوريا وتركيا، والدمار الواسع في المباني والمرافق المدنية، إلا أن بعض المعالم التاريخية نجت من هذا الزلزال، على الرغم من أن البعض منها لحقته أضرار فادحة، واستذكر باحثون بعض المعماريين القدامى وطرقهم الهندسية في بناء صروح ومساجد استطاعت أن تقاوم كل الزلازل عبر القرون.

ويبدو أن حي هاربوت في ألازيغ، الذي شهد العديد من الزلازل منذ تشييده قبل 5000 عام، بقي صامداً أمام الزلزال الأخير. وذكرت مصادر تركية أنه لم يسقط حجر واحد في منطقة هاربوت، المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

ولم يحدث أي ضرر في المئذنة المنحنية وقلعة هاربوت وغيرها من النزل والحمامات والقصور التاريخية، والتي ثبت أنها أكثر انحناء من برج بيزا المائل.

وبعد عاصفة الزلازل التي ضربت ولايات جنوبي تركيا يوم السادس من فبرايرالجاري، وأثناء مناقشة التقنيات الهندسية الحديثة المقاومة للزلازل، ومن أبرزها العوازل المرنة التي توضع بين أساسات وأعمدة المباني، استذكر كثير من الخبراء التقنيات المشابهة التي استخدمها المعماري العثماني الشهير «معمار سنان» في مساجده وصروحه منذ قرون عدة.

ولما يقرب من 5 قرون، تمكنت الصروح التي شيدها سنان من البقاء في وضع مستقيم ومتين دون التعرض لأي أضرار هيكلية تُذكر، وذلك بفضل استخدامه أساليب وتقنيات مقاوِمة للزلازل سابقة لعصره وزمانه.

ما زالت موازين الزلازل تدور في مسجد مرادية منذ 438 عاماً، ما يُظهر بوضوح متانة المسجد ومقاومته للزلازل طوال هذه المدة الطويلة. واشتهرت المساجد العثمانية قبل عصر معمار سنان (1490-1588 م) بوجود هذه الموازين الموضوعة في زوايا المساجد، حيث توجد موازين زلزالية في مسجد هاطاي محرمية الذي يقدر بناؤه بين عامي 1400 و1500، ومسجد بورصه الأخضر الذي جرى بناؤه عام 1424.

واعتمد معمار سنان قبل تشييد المباني على عنصرين أساسيين، هما اختيار الموقع الصحيح للبناء وتصميم الأساسات المناسبة. ومثال على ذلك مسجد السليمية المدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وقد بُني في أدرنة عام 1574 م، ووصفه معمار سنان بأنه تحفة فنية، قاوم الزلازل بشدة ولم يتضرر في الماضي؛ ووجد الخبراء الذين درسوا الأرض والمسجد، أن أرض مسجد السليمية كانت تربة رخوة، وعليه كان أفضل حل هندسي لإنشاء مسجد ومنارات طويلة فوق هذا الموقع هو تثبيت أساسات المآذن بالمشابك المعدنية، حتى لا تتلف أو تتدمر، لكن الغريب ما وجدوه أن معمار سنان كان قد طبق الحل نفسه باستخدام التكنولوجيا ذاتها منذ سنوات طوال. (وكالات)


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version