بيروت: «الخليج»
ألمح سفراء الدول الخمس للقاء باريس في لبنان خلال لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين، مؤخراً، بفرض عقوبات على معرقلي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في وقت تجدّدت، أمس الأحد، الدعوات إلى الإضراب العام والاعتصامات، بالتزامن مع استمرار إضراب المعلمين، وآخرها كانت دعوة «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين»، لجميع العمال والمستخدمين والمعلمين والموظفين والعسكريين والمتقاعدين وكل هيئات ومنظمات المجتمع الأهلي للنزول إلى الشارع والاعتصام أمام مجلس النواب (البرلمان) عند الرابعة من بعد ظهر (اليوم الاثنين) «لمواجهة وإسقاط السياسة النقدية التدميرية للبنية الاقتصادية للمجتمع وسياسة إفقار الناس وتجويعها لإرغامها على الخضوع لمشيئة أرباب المال وأركان السلطة والمنظومة الفاسدة».
وعلمت «الخليج»، أمس الأحد، أن سفراء الدول الخمس للقاء باريس في لبنان أكدوا في لقاءاتهم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، أن دولهم استعاضت عن استصدار بيان ختامي ب«اللقاءات مع المسؤولين اللبنانيين؛ حيث كان تأكيد ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وإقرار الإصلاحات الضرورية، مبدين كل استعداد للتعاطي بإيجابية مع أي رئيس يتم انتخابه، وأنه ليس لديهم مرشح رئاسي». كما علمت أنه خلال هذه الاجتماعات «تم التلويح بعقوبات على الذين يعطلون الدورة الثانية من جلسة الانتخاب الرئاسية».
من جانب آخر، أكدت مصادر سياسية ل«الخليج» أن التفاهم «بين التيار الوطني الحر وحزب الله، بات من الماضي، بعد الرسائل الأخيرة التي وجهها السبت رئيس التيار جبران باسيل، والتي رأت فيها هذه المصادر مراهنة من باسيل لخلط الأوراق»، وكان باسيل قد جدد رفضه المشاركة في الجلسة التشريعية التي ينوي رئيس مجلس النواب نبيه برّي الدعوة إليها في ضوء ما يمكن أن يتوصل له اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم الاثنين، ما يشي بأن الجلسة أصبحت بحكم المؤجلة من جديد مراعاةً للميثاقية التي يصرّ عليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي. إلا أن أوساطاً مطلعة على موقف رئيس المجلس النيابي ردت على كلام باسيل والتحذير الذي لفت إليه الرئيس السابق ميشال عون من مغبة التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بالقول: إنه «من غير المسموح تعطيل مؤسسة مجلس النواب كما عطلوا تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية»، لافتةً إلى أنّه «لم يبق في البلد غير المؤسسة العسكرية ومؤسسة مجلس النواب ويعملون على تعطليهما؛ لذا لن يُسمح لهم بذلك مهما اختلقوا من أعذار، فليتفضلوا للتفاهم على رئيس الجمهورية اليوم قبل الغد». أمّا في موضوع التمديد لسلامة، فقد ردّت أوساط بري التهمة لأصحابها «لأن الجميع يعلم أن الرئيس عون هو الذي طرح التجديد لسلامة من خارج جدول الأعمال على مجلس الوزراء»، مستطردة بالقول «ربما كانوا بحاجة إليه في ذلك الوقت».
من جهة أخرى، لم يكن تحذير الخارجية الكويتية المفاجئ لرعاياها في لبنان بضرورة أخذ الحيطة والحذر من الاحتجاجات والاضطرابات الأمنية سوى مؤشّر إلى بدء استشعار الدّول الخليجية وسواها لانزلاق لبنان نحو مرحلة متوتّرة من جرّاء استفحال الأزمات الماليّة والاجتماعية فيه، فيما يغرق المأزق السّياسي في مزيد من الانسداد والانقسام والتفكّك بما يترك لبنان عرضة لشتّى الاحتمالات السلبيّة الإضافية. وثمّة توقّعات بأن تحذو دول خليجية أخرى ودول غربيّة أيضاً حذو الكويت في إطلاق مزيد من التّحذيرات لرعاياها في ظلّ المعطيات القاتمة التي تظلّل الوقائع الماليّة والاجتماعية الراهنة.