لا يمكن لأسئلة أن تكون أهم وأكبر من كيف بدأت الحياة على الأرض، وهل لها وجود من نوع ما في مكان آخر بالكون، أم نحن وحيدون فيه؟ لذلك تكاتفت مجموعة عالمية من علماء الفيزياء الفلكية والحيوان، للإجابة عليها عبر ما سمّوه Origins Federation أو “اتحاد الأصول” المكون من علماء بسويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة، عقدوا اجتماعا أمس السبت في واشنطن، في مسعى ملحمي جدّي لمعرفة هل للحياة وجود بالكون خارج الأرض؟
تفاءلوا في الاجتماع بإمكانية اكتشاف “آلاف” من العوالم الحاملة أدلة عن حياة من نوع ما خارج النظام الشمسي خلال 10 إلى 20 سنة مقبلة، استنادا إلى ثقتهم بسلسلة إنجازات قادمة، منها إحضار عيّنات من صخور المريخ، وإطلاق مسبار يستكشف أقمارا جليدية تدور حول كوكبي المشتري وزحل بشكل خاص، إضافة الى تكثيف الرصد واستراق السمع والبصر بتلسكوبات قوية، أشهرها James Webb الماسح جوف الكون بحثا عن كواكب تدور حول نجوم في مجرات بعيدة، لعل وعسى تكون صالحة لتتبرعم فيها الحياة.
ويختار الاتحاد أعضاءه من معهد Federal Institute of Technology الفدرالي للتكنولوجيا، في مدينة زيوريخ بسويسرا، وفق ما طالعت “العربية.نت” في تقرير نشرته صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية بعددها اليوم الأحد، وفيه أنه يختار علماءه أيضا من جامعة كامبريدج البريطانية، كما من جامعتي هارفارد وشيكاغو الأميركيتين.
عالمة بالحيوانات من جامعة كامبريدج، هي الدكتورة Emily Mitchell الناشطة بتحليل الحفريات القديمة بحثًا عن أدلة حول الظروف التي أدت إلى التطور على الأرض. تحاول الآن اكتشاف ما إذا كانت الحياة موجودة على الكواكب الأخرى أيضا، وقالت في كلمة ألقتها في مؤتمر “الرابطة الأميركية لتقدم العلوم” أو AAAS اختصارا، حيث تم الإعلان عن “الاتحاد” قبل أسيوعين، إن الحياة “شبه مؤكدة وشائعة جدا” في كل أنحاء الكون “ومن المحتمل جدا” أن نكتشف في النهاية “علامات” على وجود كائنات من نوع ما خارج الأرض” وفق تعبيرها.
ويحتاج العلماء، للعثور على تلك “العلامات” إلى إرشادات من الكيميائيين وعلماء الأحياء من البشر والحيوان، العاملين بالكشف عن كيفية ظهور الحياة لأول مرة على الأرض وكيف بدأت وتطورت واستمرت، وهو ما يمكن أن يساعد على اكتشاف الكواكب الصالحة للسكن في أماكن أخرى من الكون، عبر التعرف الى أدلة عن كيف بدأت الحياة أولاعلى الأرض.
والا فنحن وحيدون
ويعمل أيضا في مشروع “الاتحاد” الدكتور John Sutherlandالبالغ 60 عاما، وهو كيميائي بريطاني يسعى إلى تحديد وإعادة إنشاء الظروف التي كانت على الأرض حين ظهرت الحياة فيها لأول مرة قبل 4 مليارات عام، لفهم كيف اجتمعت الخلايا الحية الأولى، ومن بعدها بدأت تتكاثر.
يتفاءلون أن تساهم التلسكوبات الفضائية العملاقة والمراصد على الأرض، بالعثور جواب للسؤال المحيّر
أما مدير “اتحاد الأصول” فهو البروفيسور Didier Queloz المولود قبل 56 عاما بسويسرا، والمعروف كعالم فيزياء فلكية، تقاسم في 2019 نوبل الفيزياء مع اثنين من زملائه، لاكتشافه في 1995 أول كوكب يدور حول نجم آخر غير شمس الأرض، ومن وقتها تم اكتشاف أكثر من 5300 كوكب، فيما يتفاءل علماء الاتحاد بوجود “تريليونات أخرى بمجرة درب التبانة وحدها” خصوصا أن تلسكوب “جيمس ويب” الفضائي، فتح فرصة للبحث عن علامات القابلية للسكن في تلك العوالم “حيث كل نقطة من الضوء نراها هي نجما فرديا، وللكثير منه كواكب تدور حوله” بحسب ما قال Amber Straughn نائب رئيس برنامج James Webb التابع لوكالة “ناسا” الأميركية.
ويشرح علماء الفلك عادة، أن تحليل الضوء الطيفي الصادر عن تلك الكواكب، يتيح معرفة ما إذا كان في غلافها الجوي بخار ماء، وسبق أن تم في نوفمبر الماضي إعداد قائمة عن مكونات الغلاف الجوي لكوكب بعيد 700 سنة ضوئية عن الأرض، منها الصوديوم والبوتاسيوم والماء وثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت، وهي إشارات عن وجود شروط تسمح بظهور الحياة، لكنها ليست كافية. إلا أن يوما قد يأتي، يحمل مفاجأة تجيب بثانية واحدة على السؤال المحيّر منذ آلاف السنين، وهو أن الحياة موجودة خارج الأرض، وإلا فنحن وحيدون في الكون.