أبوظبي: عماد الدين خليل

أكدت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، وأستاذة العلوم السياسية في جامعة الإمارات، أن الآثار الاقتصادية للحرب في أوكرانيا برزت مباشرة مع الارتفاع القياسي في أسعار النفط والغاز، وزيادة أسعار السلع العالمية، خاصة أسعار العقود الآجلة للقمح في خطر انقطاع الإمدادات لهذه السلعة الاستراتيجية.

وقالت، خلال الندوة الثانية التي نظمها المركز، مساء أمس الثلاثاء، حول «الحرب في أوكرانيا: التداعيات الاستراتيجية على منطقة الشرق الأوسط» إنه لا يزال العالم يترقب تبعات الحرب التي لن تقتصر على أوكرانيا وروسيا والقارة الأوربية فحسب، بل ستمتد إلى العام بأسره، حيث إن أكثر مناطق العالم التي ستتأثر بتبعات الحرب هي منقطة الشرق الأوسط.

وأضافت أنه منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب في أوكرانيا 24 فبراير/ شباط 2022 برز الموقف الحرج لدول المنطقة في اتخاذ موقف سياسي من الحرب، في ضوء المصالح التي تجمع هذه الدول مع روسيا من جهة، والولايات المتحدة والدول الأوربية من جهة أخرى. وقال الدكتور زيد عيادات، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية وأستاذ العلاقات الدولية، إن أزمة أوكرانيا تشكل بداية انتهاء المرحلة أحادية القطب، حيث يتجه العالم إلى موضوعات جيواستراتيجية من شأنها أن تؤسس إلى مرحلة جديدة في العلاقات الدولية، مؤكداً أن الأهداف الرئيسية لروسيا من الحرب ليس احتلال أوكرانيا، بل تغيير النظام هناك، وإنشاء منطقة عازلة، وأنه بسبب مجاورة أوكرانيا لأربع دول من لحلف الناتو فأي خطأ في الحسابات الجيوسياسية قد يشكل تهديداً للسلم العالمي.

تأثيرات متعاكسة

وأكد أن الحرب مكلفة للاقتصاد العالمي لإعادة بناء الثقة والعلاقات بين الأطراف، لافتاً إلى أن دول الخليج لديها فرصة لتكون رابحة من هذه الأزمة بسبب امتلاكها موارد الطاقة، مشيراً إلى أن التأثيرات في سلاسل الإمداد وواردات الأغذية الناتجة عن الأزمة الأوكرانية ستؤثر في الدول الفقيرة في منطقة الشرق الأوسط، مؤكداً أنه لا توجد دولة في الشرق الأوسط حليفة روسيا بمعنى الكلمة، بما في ذلك إيران.

وقال الدكتور قادر أوستُن، المدير التنفيذي لفرع مؤسسة البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا) التركية في واشنطن وباحث متخصص في السياسة الخارجية التركية، إن تركيا اتخذت خطوات مهمة وثابتة تجاه الأزمة في أوكرانيا، وإن تركيا تتجنب توصيف الأزمة بالحرب لأسباب تتعلق بتطبيق اتفاقية «مونترو»، كما أن تركيا لم تتبنّ عقوبات ضد روسيا، ومن غير المحتمل أن تفعل ذلك في المستقبل، مؤكداً أن تركيا تتمتع بعلاقات قوية مع روسيا وأوكرانيا، وتحاول أنقرة إيجاد حل دبلوماسي بينهما.

لا حل عسكري للصراع

وأضاف أنه من الصعب على دول أوروبا أن تستمر في العقوبات على روسيا لفترة طويلة، لأنها ستنعكس بالسلب والضرر عليها، لافتاً إلى أنه لا يوجد حل عسكري لمثل تلك الصراعات، وستكون الكلفة باهظة من ناحية الوضع الإنساني. وقال الدكتور محمد الزغول، باحث أول في مركز الإمارات للسياسات ومتخصص في الشؤون الإيرانية، إن الصراع في أوكرانيا يأتي في وقت باتت فيه إيران قريبة من إعادة توقيع الاتفاق النووي مع القوى الكبرى، وإن الأزمة الأوكرانية بدأت تترك ظلالها على العلاقات الإيرانية الروسية، مؤكداً أن المشهد في الحقيقة ليس كما يبدو من أن إيران تنحاز سريعاً إلى الجانب الروسي.

من جانبه، أكد الدكتور ممدوح سلامة، الخبير الدولي في مجال النفط وأستاذ زائر في اقتصادات الطاقة بكلية ESCP أوروبا لإدارة الأعمال في لندن، أن قدرة إيران على إنتاج النفط وتصديره، ومواردها لا تمكنها من الاستفادة الكبيرة من سوق النفط العالمي، أو التأثير سياسياً في منظمة «أوبك»، والولايات المتحدة، حيث أن أمريكا في عجلة من أمرها للوصول إلى اتفاق نووي جديد مع إيران حتى تتفرغ كلياً وتركز على مواجهتها مع الصين، وأزمة أوكرانيا التي قد تمتد، أو تتنامى.

الإنتاج الإيراني

وقال إن الولايات المتحدة تسعى للوصول إلى اتفاق مع إيران بأسرع وقت ممكن، لكن إيران لن تقبل بهذا الموقف، حيث من المتوقع عدم رفع للعقوبات الأمريكية عن إيران قريباً، أو في المدى البعيد، والسبب وجود فجوة كبيرة بين موقفي الولايات المتحدة وإيران لا يمكن التوفيق بينهما. وأشار إلى أن إيران لا تستطيع إنتاج 4 ملايين برميل من النفط يومياً، قائلاً: لا أرى أن إيران قادرة على جلب أكثر من 650 ألف برميل في اليوم إلى سوق النفط العالمي، وهو الفارق بين ما كانت تصدّره قبل العقوبات، وما تصدره الآن 1.5 مليون برميل يذهب ثلثاه إلى الصين، متحدية العقوبات الأمريكية، والحديث عن عودة إيران، أو بعد الاتفاق النووي، لن يكون له تأثير كبير في سوق النفط العالمي، لافتاً إلى أن ارتفاع أسعار النفط حالياً تعد مؤقتة وسيعود للتراجع عندما تتوقف العمليات العسكرية، وتبدأ مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version