أكدت دولة الإمارات في اجتماع مجلس الأمن بصيغة آريا، الثلاثاء، بأن التدمير المتعمد للتراث الثقافي في حالات النزاع قد يعد في ظروف معينة جريمة حرب، فيما الحفاظ عليه ضرورة لصون السلم والأمن الدوليين.

وأكد السفير محمد أبوشهاب والقائم بالأعمال بالانابة، نائب المندوب الدائم لدولة الإمارات في بيان، خلال اجتماع مجلس الأمن بصيغة أريا حول حماية التراث الثقافي في حالات النزاع المسلح، أن التراث الثقافي هو مرآة للهوية، وتجسيدٌ لتاريخ الشعوب، يربطنا بالماضي ويؤسس لمُستقبل يسوده السلم والشمولية.

ونوه بيان دولة الإمارات إلى أن «تدمير أو تشويه أو نهب التراث الثقافي أثناء حالات النزاع المسلح له تداعيات خطرة على صُنع وبناء واستدامة السلام، الأمر الذي دفع مجلس الأمن لتبني قراره التاريخي ألفين وثلاثمئة وسبعة وأربعين، الذي يُقر بأن التدمير غير المشروع للتراث الثقافي ومحاولة إنكار الجذور التاريخية ومنع التنوع الثقافي في هذا السياق يمكن أن يؤدي إلى تأجيج النزاعات ومفاقمتها وعرقلة المصالحة الوطنية.

ولفت البيان إلى أن القرار أشار أيضاً إلى أن التدمير المتعمد للمباني الدينية والمعالم التاريخية في حالات النزاع قد يشكل في ظروف معينة جريمة حرب.

وأكد البيان على اهتمام الإمارات برعاية برامجٍ للحفاظ على التراث الثقافي ضمن استراتيجية متكاملة تهدف بالدرجة الأولى لنشر قيم التسامح والتنوع وبناء مستقبل أفضل للشعوب، إذ استضافت الإمارات مع فرنسا في 2016 المؤتمر الدولي للحفاظ على التراث الثقافي المهدد والذي نتج عنه «إعلان أبوظبي»، حيث التزمت 40 دولة ومنظمة دولية بدعم إنشاء ملاذاتٍ آمنة لهذا التراث الثقافي المُهدد. وبعدها بعام، أطلقت الإمارات بالتعاون مع فرنسا صندوق التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ألِف)، الذي دعم حتى الآن مبادرات بقيمة 50 مليون دولار في أكثر من 30 دولة.

وأورد البيان:«بعد أن دمر تنظيم داعش الإرهابي العديد من المواقع الأثرية في العراق للقضاء على مظاهر التعايش السلمي فكرياً وعلى أرض الواقع، جاء مشروع “إحياء روح الموصل” لإعادة إعمار هذه المدينة العريقة وتوحيدها، فالتراث والثقافة والمباني التي تمتد لآلاف السنين في الموصل تجسد أن التعايش السلمي ليس فقط ممكناً، بل هو متجذرٌ في تاريخنا الإنساني».

ونوه البيان إلى أن اجتماع مجلس الأمن جاء لاستعراض التقدم المحرز في تنفيذ القرار2347، بعد مرور ست سنوات على اعتماده، شملت تطورات عدة في طبيعة النزاعات المسلحة والمتصاعدة حول العالم، والتي تستدعي مواصلة تقييم الأساليب المعتمدة في حماية التراث الثقافي.

وشدد البيان على أن التراث يكتسي أهمية جوهرية في كافة مراحل النزاع، بدءاً من دوره في بناء مجتمعات سلمية، مروراً بالحاجة لحمايتهِ خلال النزاعات ومنع استغلالهِ من الجماعات الإرهابية كأداة للتمويل أو نشر التعصب والكراهية، ووصولاً إلى ترميمهِ لتعزيز المصالحة بين الشعوب.

واعتبرت الإمارات أن استعادة التراث الثقافي، وإعادة إعماره لبناء السلام واستدامته يستحق اهتماماً خاصاً، فرغم إقرار مجلس الأمن بعواقب تدمير التراث الثقافي على أمن واستقرار وتنمية الدول المتأثرة بالنزاعات، إلا أننا بحاجة لتعميق الفهم حول سبل تسخير هذا التراث لمساعدة هذه الدول على التعافي.

ودعا البيان إلى إشراك المجتمعات المحلية في حماية التراث الثقافي وإذكاء وعيها بأهميتهِ ودورهِ في إثراء الدول ثقافياً وعلمياً واقتصادياً. ويجب التركيز على البرامج التي تجعل من الحوار والتبادل الفكري بين مختلف الثقافات، أداة لفهم الآخر وتقبلِه واحترامه، مبينة في الوقت نفسه على أن إعادة إعمار المواقع التراثية سيكون له بالغ الأثر في تحفيز المجتمعات على إعادة البناء والعمل، ووضع القيم الإنسانية أولاً، فإعادة ترميم الكنائس والمساجد التي دمرها تنظيم داعش، مهمٌ لتجسيد التعايش السلمي بين الأديان على أرض الواقع.

وأعربت الإمارات عن تطلعها لمواصلة تبادل الأفكار حول سبل حماية التراث الثقافي ومنع تدميرهِ أو استغلالهِ من قبل الجماعات الإرهابية والمسلحة، ففضلاً عن دورهِ في صون السلم والأمن، يعد أيضاً نقطة لالتقاء البشرية تنتشر من خلالها قيم التسامح والتعايش لتشكل إطاراً لإنسانيتنا المشتركة.


شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version