لندن – أ ف ب
يبدو مستقبل وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان في الحكومة على المحك الخميس، مع صدور دعوات لإقالتها على خلفية انتقادها مواقف الشرطة إزاء التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في تصريحات أدلت بها دون موافقة رئيس الوزراء ريشي سوناك.
ويواجه سوناك دعوات متزايدة لإقالة وزيرة الداخلية في حكومته، بعدما قالت إن عناصر الشرطة «يفاضلون» عندما يتعلق الأمر بالتظاهرات، واعتبرت أنهم تجاهلوا «الغوغاء المؤيدين للفلسطينيين»، خلال مسيرات احتجاج على الحرب في غزة.
وجاءت تصريحاتها التي تلقفها الجناح اليميني لحزب المحافظين الحاكم، بعدما وصفت المسيرات الداعية لوقف إطلاق النار في غزة بأنها «مسيرات كراهية»، بعد أيام من قولها، إن العيش بلا مأوى هو «خيار لنمط الحياة».
ويؤكد داونينغ ستريت أن لديه ثقة تامة ببرافرمان، لكنه قال إنه يحقق في كيفية نشر تصريحاتها في مقال رأي في صحيفة «ذا تايمز» دون إذنه، كما تمليه القواعد الوزارية.
وقال متحدث باسم سوناك للصحفيين: «لم يتم الاتفاق على المحتوى مع الرقم 10» في إشارة إلى مقر الحكومة في شارع داونينغ. ووفق مصادر قريبة من الملف، أرسلت المقالة إلى مكتب سوناك الذي طلب إدخال تعديلات عليها، لكن لم يتم وضعها في الاعتبار.
وعززت تصريحات برافرمان تكهنات بأنها تهيئ نفسها للتنافس على زعامة حزب المحافظين، أو أن تصريحاتها حيلة متعمدة من حزب سوناك لجذب اليمينيين قبل الانتخابات العامة القادمة.
وكان سوناك اعتبر أن تنظيم تظاهرة في ذكرى «يوم الهدنة» الذي تكرّم فيه البلاد الجنود الذين قُتلوا في الحربين العالميتين أمراً «استفزازياً ومعيباً»، واقترح أن تحظرها شرطة مدينة لندن. وقالت الشرطة إن المسيرة المؤيدة للفلسطينيين لا تتوفر فيها الشروط التي تجيز طلباً حكومياً بمنع تنظيمها.
– لاذعة
وهدأ التوتر بين شرطة مدينة لندن وسوناك الأربعاء عقب اجتماع طارئ أكد فيه قائد الشرطة مارك راولي أن المسيرة لا تتضارب مع فعاليات «يوم الهدنة». غير أن مقالة برافرمان وجهت انتقادات لاذعة لتصرفات الشرطة.
وكتبت: «يُقابَل المتظاهرون اليمينيون والقوميون الذين ينخرطون في أعمال عدائية برد صارم، لكن الغوغاء المؤيدين للفلسطينيين الذين يُظهرون سلوكاً متطابقاً تقريباً يتم تجاهلهم إلى حد كبير، حتى عندما يقومون بمخالفة القانون بشكل واضح».
وأضافت أنها لا تعتقد أن هذه التظاهرات «مجرد صرخة استغاثة لغزة»، بل تتعلق أكثر بما وصفته ب«تأكيد الأولوية من قبل مجموعات معينة، وخاصة الإسلاميين».
ورأى توم وينسور، الذي شغل سابقاً رئيس هيئة مراقبة في الشرطة أن تعليقات الوزيرة مبالغ فيها، وتتعارض مع مبدأ استقلالية الشرطة.
– تجاوز الحدود
وقال وينسور لإذاعة «بي بي سي»: «إن الضغط على مفوض شرطة العاصمة بهذه الطريقة، أعتقد أن هذا يتجاوز الحدود». ودعا نواب المعارضة سوناك إلى إزاحة برافرمان، لكن متحدثة باسم رئيس الحكومة قالت إنه لا يوجد «جدول زمني» للتحقيق.
وقال زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر إن برافرمان «خرجت عن السيطرة»، وإن سوناك «أضعف من أن يتصرف حيال ذلك».
وشهدت لندن تظاهرات كبيرة على مدى أربع عطل نهاية أسبوع متتالية منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل في السابع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي قام فيها الطيران الإسرائيلي بقصف غزة متسبباً حتى الآن في مقتل أكثر من 10800 شخص.
واعتقلت شرطة مدينة لندن نحو 200 شخص على خلفية التظاهرات. وقد يكون ميل برافرمان إلى إذكاء حروب الثقافات مفيداً لحزب المحافظين في محاولته إصلاح تراجعه الكبير أمام العمال في استطلاعات الرأي، قبل الانتخابات التي يتعين إجراؤها عام 2025.
مؤخراً، وصفت برافرمان، وهي من والدين هنديين هاجرا إلى بريطانيا في الستينات، التعددية الثقافية بأنها «عقيدة مضللة».
كما هاجمت الميثاق العالمي للأمم المتحدة بشأن اللاجئين، وحذّرت من أن بريطانيا تواجه «إعصار» هجرة، ووصفت الليبراليين بأنهم «أكلة التوفو».