القدس – أ ف ب
طُرد مُدّرس التاريخ مئير باروشين من المدرسة الثانوية، حيث كان يعمل قرب تل أبيب، وسُجن باعتباره «سجيناً شديد الخطورة»، بعدما أثار بلبلة بنشره صورة تندد بالحرب الجارية في غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وحالياً، سمحت المحاكم لباروشين بتدريس طلابه مؤقتاً في مدرسة إسحق شامير الثانوية في مدينة بيتاح تكفا، ولكن من خلال دروس مسجلة لتجنب وقوع مشاكل. ويستنكر الإسرائيلي البالغ 62 عاماً محاكمته بسبب تحدثه عن مصير الفلسطينيين في غزة.
واندلعت الحرب بعد هجوم شنته فصائل فلسطينية على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160إسرائيلياً. كما احتجز نحو 250 رهينة في غزة، تقول إسرائيل أن 132 بينهم ما زالوا هناك.
وتشن إسرائيل عملية عسكرية انتقامية أتبعتها بهجوم بري واسع في غزة، ما أسفر عن مقتل 27940 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال.
وأثار هجوم السابع من أكتوبر صدمة في المجتمع الإسرائيلي الذي يؤكد ضرورة عودة الرهائن والوحدة الوطنية. ويُجمع غالبية الاسرائيليين على تأييد الجيش المرتبط ارتباطا وثيقاً بالأمة منذ قيام دولة اسرائيل في العام 1948.
وأكد مئير باروشي، أن في إسرائيل «هناك من يقول: نحن لا نهتم بمقتل مدنيين أبرياء في غزة بعد ما فعلته حماس بنا، إنهم يستحقون ذلك. ويقول آخرون: من المؤسف قَتل مدنيين أبرياء، لكنه خطأ حماس، وإسرائيل ليست مسؤولة».
وأضاف المدرّس وهو عضو في منظمة «النظر في عيون الاحتلال» التي تندد بوضع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة قائلاً «بالنسبة لي، هذا غير مقبول. كإسرائيليين، نتحمل مسؤولية. حكومتي تجعلني قاتلاً».
وأكد باروشين بصوت متهدج أن هجوم السابع من أكتوبر جعله «مصدوماً ومُرَوَّعاً». وشدّد هذا الأب لتوأمين يبلغان 19 عاماً وتم تجنيدهما في الجيش في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على أنّ العملية العسكرية في غزة «لا تخدم أمن إسرائيل. بل على العكس، الأيام التي نمر بها تخلق الكراهية لأجيال». ويدافع باروشين عن فكرة التوصل إلى حل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
واتهمت بلدية بيتاح تكفا التي يترأسها عضو في حزب نتنياهو، باروشين ب «الفتنة» و«التحريض على الإرهاب» بعد نشره صورة لعائلة فلسطينية مقتولة تضم أطفالاً، على صفحته على «فيسبوك». وأوقفت الشرطة باروشين في 18 تشرين الأول/اكتوبر. وطردته المدرسة، حيث يعمل في اليوم التالي. وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وُضع في حبس انفرادي في القدس، بدون نوافذ وبدون ساعة، بتهمة «نية ارتكاب خيانة» و«نية الإخلال بالنظام العام».
وبعد ذلك، أسقطت محكمة هذه الاتهامات، وأذنت لباروشين باستئناف عمله، في انتظار قرار من محكمة العمل في نهاية مارس/ آذار المقبل..
وعندما عاد باروشين إلى المدرسة، رفض تلاميذه الدخول إلى الصف. وقال: «يرون أنني مؤيد لحماس».
وقدّم زملاء باروشين من المعلمين دعماً خجولاً له. وأضاف: «صاروا يقولون لي: مئير، أنا معك تماماً، ولكن لدي ارتباط، أو لدي عرس ابنتي، أو لدي عمل في المنزل..إنهم يخشون التحدث».
واعتبرت صحيفة «هآرتس» في افتتاحية، أن القضية «استُخدمت لتوجيه رسالة سياسية. وكان الهدف من توقيفه هو الردع، لإسكات أي انتقادات أو تلميح باحتجاجات ضد السياسة الإسرائيلية».
من جهتها، تُدير يائيل نوي منظمة «رود تو ريكوفيري» غير الحكومية وتضم متطوعين إسرائيليين ينقلون مرضى فلسطينيين، ومعظمهم من الأطفال، من نقاط التفتيش في الضفة الغربية، أو من غزة قبل الحرب، إلى مستشفيات إسرائيلية لتلقي العلاج.
وتواصل يائيل نوي التصرف وفقاً لقناعاتها، ولكن بتكتم. وتُتّهم المنظمة في محيطها ب «العمل مع العدو». وكانت تضم 1300 متطوع قبل الحرب، ولم يبق فيها حالياً سوى 400.
وقالت نوي:«أصبحت أكثر حذراً عندما أتحدث لأنني أعتقد أن ذلك قد يكون خطراً». وأكدت وهي على وشك البكاء أنها في حين ترفض «تغيير تفكيرها»، إلا أنها لا ترغب بتوسيع عملها، لعدم «مفاقمة آلام الإسرائيليين».