خاص

الجيش الأوكراني

خَلص تقييم استخباراتي أميركي إلى أن الحرب في أوكرانيا تمضي نحو “طريق مسدود” بين موسكو وكييف، مع افتقار طرفي الصراع لقدرات شن هجمات كبرى خلال المرحلة المقبلة، ما يثير تساؤلات بشأن مسار الصراع بين روسيا من جانب، والغرب من الجانب الآخر، على الرغم من التوغل الأوكراني في مقاطعة كورسك مؤخرا.

وبحسب وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية، فإن موسكو وكييف تفتقران إلى الموارد العسكرية اللازمة لإطلاق هجمات رئيسية ضد بعضهما البعض، مما يشير إلى أن الطرفين قد يتجهان نحو “الجمود”.

لكن خبراء عسكريين ومحللين يعتقدون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الهجوم العسكري الأوكراني المباغت في كورسك الروسية “غيّر ديناميكية الجمود الراهن في الحرب الممتدة منذ فبراير 2022″، والذي تعول عليه كييف في إنشاء منطقة عازلة لمنع موسكو من شن مزيد من الهجمات عبر الحدود.

استراتيجية “الاستنزاف”

نشرت شبكة “بلومبرغ” تقريرا عن استنتاجات وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية في أحدث تقاريرها عن المساعدات الأميركية المقدمة لأوكرانيا، إذ تضمّن الموقف الراهن في ساحة المعركة حتى نهاية يونيو الماضي، أي بعد إقرار الكونغرس لحزمة مساعدات بقيمة 61 مليار دولار لكييف، وقبل الضربات التي شنتها أوكرانيا في كورسك.

وخَلصت تقييمات وكالة الاستخبارات الدفاعية إلى أن أوكرانيا لا تزال تفتقر إلى الذخائر التي تتيح لها مواجهة قدرة روسيا على إطلاق حوالي 10 آلاف قذيفة مدفعية يوميا، حتى بعد أن قدم الكونغرس الأميركي مساعدات عسكرية جديدة في أبريل.

وأوضح التقييم أن القوات الأوكرانية تبقى قادرة على تنفيذ عمليات دفاعية، لكنها لن تكون قادرة على شن هجمات مضادة واسعة النطاق لمدة لا تقل عن 6 أشهر.

من ناحية أخرى، تبنت روسيا استراتيجية “استنزاف أوكرانيا”، وستتمكن من الحفاظ على المنطقة العازلة التي استولت عليها قواتها، ولكن ليس لديها القوة الكافية “لتهديد تقدم أعمق إلى الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا، مثل مدينة خاركيف”، وفقا لملاحظة استخباراتية أميركية.

ومع ذلك، أبرز التقرير الاستخدام الناجح لأوكرانيا لنظام الصواريخ التكتيكية الأميركي “أتاكمز”، بما يتجاوز الهجمات المعلن عنها مسبقًا على مناطق تخزين الذخائر الروسية والمروحيات المتوقفة في موقعين داخل أوكرانيا.

“لم يتم إثبات أن نظام إس-500 الصاروخي يعمل بشكل كامل في أوكرانيا بعد، وهو ما تراه وكالة المخابرات الدفاعية دليلاً على معاناة روسيا في توفير دفاع جوي كافٍ لشبه جزيرة القرم”، حسبما ورد في التقرير.

وأطلقت أوكرانيا قبل أيام عملية عسكرية واسعة في مقاطعة كورسك الروسية، في الوقت الذي قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن هدفها الأساسي يكمن في “تدمير أكبر قدر ممكن من إمكانات الحرب الروسية والقيام بأقصى قدر من الإجراءات الهجومية المضادة، وهذا يشمل إنشاء منطقة عازلة في منطقة كورسك”.

في حين اعتبرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الهجوم الأوكراني المباغت في كورسك كشف عن أوجه قصور تكتيكية في المؤسسة العسكرية الروسية، وطريقة اتخاذ القرارات الميدانية.

تقديرات “خاطئة”

بدوره، اعتبر كبير محللي الشؤون الروسية في مجموعة الأزمات الدولية، أوليغ إغناتوف، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن هذا التقييم الأمريكي جرى تقديمه قبل الهجوم الأوكراني على منطقة كورسك.

وقال إغناتوف إن “هذا مثال على كيفية تحول العديد من التقديرات إلى أخطاء، لأن المعلومات المتوفرة لدينا عن الموارد ومعدل الاستنزاف للطرفين محدودة جدا”.

ولا يتفق المحلل البارز بمجموعة الأزمات الدولية مع الاعتقاد الأمريكي بشأن جمود الموقف الراهن لحرب أوكرانيا، مضيفًا: “أعتقد أن هناك جمودا، وأعتقد أن الأحداث الحالية قد تؤدي إلى تسريع الوضع”.

نقطة تحول

من جانبه، أقرّ نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق مايك ملروي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الهجوم الأخير الذي شنته أوكرانيا في منطقة كورسك “قد يكون قد غيّر ديناميكية الجمود” الذي ألمحت إليه التقارير الاستخباراتية الأمريكية.

وقال: “هجوم كورسك نقطة تحول في الحرب، لكني لا أعتقد أن ذلك كان الهدف الأصلي، ولكن نجاح الهجوم قد غيّر ذلك”.

وبشأن مستقبل النزاع، أوضح “ملروي”، الذي سبق أن عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، أن هذا سيتوقف على الضغط الذي سيتعرض له الرئيس بوتين للتفاوض على تسوية، وما إذا كان الشعب الأوكراني مستعدًا للتنازل عن أي شيء.

وأضاف أن “أكبر تقدم سيأتي عندما يلتزم الناتو وحلفاؤه بالكامل بدعم أوكرانيا لتحقيق النصر”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version