القاهرة، مصر (CNN)– أوقف بنكا الأهلي ومصر، إصدار شهادات ادخار ذات العائد 18% لأجل عام بعدما جمعت 750 مليار جنيه (40.3 مليار دولار) خلال 10 أسابيع، وتم طرح شهادات ادخار لأجل 3 سنوات بعائد 14%.
ويرى خبراء أن الهدف من الشهادات السيطرة على ارتفاع معدل التضخم، وتحجيم السيولة بالأسواق، غير أنها تؤثر سلبًا على الاستثمار المباشر وغير المباشر.
وقال الدكتور مصطفى بدرة أستاذ التمويل والاستثمار، إن البنوك الحكومية في مصر طرحت شهادات ادخار بفائدة 18% بغرض السيطرة على ارتفاع معدل التضخم، وقد نجحت البنوك في تحقيق هذا المستهدف وجمعت 750 مليار جنيه خلال أكثر من شهرين، مضيفًا أن البنوك واصلت طرح شهادات أخرى بفائدة تتراوح بين 14-15% لمدة 3 أعوام لمواصلة تحجيم السيولة بالأسواق للحد من زيادة التضخم.
وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر ليسجل 14.9% خلال شهر أبريل/ نيسان الماضي، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2018، بفعل ارتفاع أسعار كل السلع على رأسها السلع الغذائية.
وأضاف بدرة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أنه على الرغم من أهمية شهادات الادخار مرتفعة العائد في السيطرة على التضخم، إلا أنها تؤثر سلبًا على القدرة الشرائية بالأسواق والاستثمار المباشر، خاصة وأن مصر في حاجة ملحة خلال الفترة الحالية لضخ استثمارات ضخمة في مختلف الأنشطة الاقتصادية لتحقيق معدل نمو مرتفع والتركيز على زيادة حصيلتها من النقد الأجنبي، كما تؤثر هذه الشهادات على البنوك التي تصدرها والتي ستواجه سداد العائد المرتفع حتى عام.
وتستهدف الحكومة المصرية جذب استثمارات أجنبية مباشرة من خلال مشروعات كبرى في مجالات مراكز البيانات العملاقة، وشبكات نقل البترول والغاز، ومحطات إسالة الغاز، وأبراج الاتصالات، وإعادة تأهيل محطات الرياح، مع توفير حزمة حوافز استثمارية خاصة بكل مشروع لجذب الاستثمار الأجنبي، بحسب بيان سابق لرئيس الحكومة مصطفى مدبولي.
وتابع بدرة أن شهادات الادخار أثرت سلبًا على الاستثمار غير المباشر ممثل في سوق الأوراق المالية، والذي شهد هبوطًا عنيفًا خلال الفترة الماضية، وضعف في أحجام السيولة، والذي تراوح بين 300-400 مليون جنيه يوميًا، ما أدى إلى انخفاض قيم الشركات المدرجة.
وتراجع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بنسبة 8.13% خلال شهر مايو/ أيار ليغلق عند مستوى 10150.05 نقطة، وخسر رأس المال السوقي نحو 49.2 مليار جنيه (2.6 مليار دولار) بنسبة انخفاض 6.9%، وانخفضت قيمة التداول بالبورصة المصرية إلى 48.3 مليار جنيه (2.596 مليار دولار) خلال مايو مقارنة بإجمالي قيمة تداول قدرها 86.7 مليار جنيه خلال أبريل.
واتفق معه الدكتور أحمد عبد الحافظ أستاذ بكلية الاقتصاد والإدارة، أن الغرض من طرح شهادات ادخار بعائد 18% لأجل عام هو تحجيم السيولة بالأسواق والسيطرة على التضخم، إضافة إلى منع ظاهرة “الدولرة” وهي عملية تحويل المدخرات إلى دولار في ظل ارتفاع سعره في السوق الرسمي بعد زيادة رفع سعر الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي، مما دفع الحكومة إلى طرح شهادات توفر عائد أعلى للمواطنين، مشيرًا إلى أن شركات الصرافة المصرية جمعت عدد كبير من الدولار من السوق خلال فترة طرح شهادات الادخار.
وأشار عبد الحافظ، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أهمية السيطرة على معدلات التضخم قبل تطبيق إجراءات إصلاحية للاقتصاد، ويعتبر هذا الهدف هو الأولوية للدولة حتى ولو أدى إلى ركود بالأسواق وتوفير وظائف جديدة، متابعًا أن البنوك اتجهت لوقف إصدار الشهادات بفائدة 18% بعد هدوء الطلب عليها، وفي الوقت نفسه طرح شهادات بأجل أطول لمدة 3 سنوات لتوفير عائد للمواطنين لمواجهة التضخم، وتخفيض التكلفة على البنك.
ولفت أحمد عبد الحافظ، إلى أن القطاع المصرفي المصري سبق أن واجه السيناريو الحالي في نهاية عام 2016، إلا أن وقتها كان الوضع مختلفًا لأن خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار كان بنسبة أكبر من الخفض الذي تم يوم 22 مارس/ آذار الماضي، ولذا طرح شهادات ادخار بعائد 20%.
وعقدت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، اجتماعًـا استثنائيًا، يوم 21 مارس الماضي، ورفعت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.25% و10.25% و9.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.75%، وخفض البنك سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنسبة 18%.
وتوقع عبد الحافظ أن تشهد شهادات الادخار التي طرحتها البنوك بعائد 14% لأجل 3 سنوات، إقبالًا في ظل ما تقدمه من عائد مرتفع وثابت ولأجل طويل، كما أنها أنسب في الوقت الحالي من الأوعية الادخارية الأخرى سواء الذهب، والذي يشهد تذبذبات سعرية، أو سوق المال والذي يشهد تراجعًا حادًا خلال الفترة الماضية.
واستبعد أحمد عبد الحافظ تأثير إيجابي مباشر لوقف طرح شهادات ذات عائد 18% على الاستثمار بسوق المال، في ظل ما يواجه من تحديات أبرزها انخفاض عدد كبير من الأسهم أقل من القيمة الاسمية، وتدني أحجام التداول، غير أن انخفاض أسعار الأسهم لمراحل متدنية قد يغري بعض المستثمرين للاستثمار متوسط الأجل في البورصة.