بعد حوالى عامين على خروج بريطانيا الفعلي من الاتحاد الأوروبي، لا تزال هذه الخطوة تحدث إضراباً كبيراً في العلاقات التجارية وتترك وقعاً مريراً على العديد من الشركات البريطانية، بما في ذلك الشركات العملاقة، بينما تشير استطلاعات الرأي الحديثة إلى أن أقل من ثلث البريطانيين يعتقدون أن قرار الخروج كان صحيحاً.
يقول أدريان هانراهان المدير العام ل«روبنسون براذرز»، وهو مصنع صغير للمنتجات الكيماوية في برمنغهام في وسط إنجلترا يُعتبر الاتحاد الأوروبي سوقاً رئيسياً له، إنّ خروج بريطانيا هو «مجرّد تكاليف، تكاليف والمزيد من التكاليف، من دون أيّ فائدة».
اقتصاد مخنوق
لم يكن دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي منخفضاً في المملكة المتحدة، كما هو في الوقت الحالي. يعتقد أقل من ثلث البريطانيين أنه كان القرار الصحيح وفقاً لاستطلاع أجراه معهد يوغوف أخيراً، على الرغم من الجهود المتكرّرة التي بذلتها حكومة المحافظين للترويج لفوائده. يقول الباحث في كلية لندن للاقتصاد نيخيل داتا إنّ البلاد «لم تشهد قط مثل هذا الاضطراب الكبير في العلاقات التجارية العميقة». ويرى العديد من خبراء الاقتصاد أنّ «بريكست» أدت إلى تفاقم الوضع الاقتصادي في البلاد، الذي بات اليوم على حافة الانكماش، وذلك من خلال خنق التجارة الخارجية أو الاستثمار التجاري أو عن طريق التسبّب في انخفاض الجنيه الاسترليني، مّا أدى إلى تفاقم التضخّم الذي يقترب حالياً من 11 في المئة، ويسبب أزمة خطيرة في كلفة المعيشة. ويقول جوناثان بورتس خبير الاقتصاد في كينغز كولدج رداً على سؤال «هناك درجة معقولة من الإجماع على أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قلّص التجارة الخارجية لبريطانيا بنحو 10-15 في المئة مقارنة بسيناريو عدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي».
وتقول شيفون هافيلاند المديرة العامة لغرف التجارة البريطانية إنّ «الشركات البريطانية تشعر وكأنها تضرب رؤوسها بجدار من الطوب، لأنه لم يتم فعل شيء لمساعدتها»، داعية الحكومة إلى مراجعة اتفاقاتها مع بروكسل.
«ليس بريكست الذي أردته»
فضلاً عن ذلك، أدت «بريكست» إلى تعقيد عملية توظيف العمّال الأوروبيين الذين كانت تعوّل عليهم عدّة قطاعات، من الفنادق والمطاعم إلى الزراعة. بعض رؤساء الشركات «المؤيدين بقوة لبريكست» مثل سيمون وولفسون الذي يرأس شركات الملابس البريطانية العملاقة «نكست»(Next)، أو حتى تيم مارتن الذي يرأس سلسلة حانات «ويذرسبون» (Wetherspoon)، يطالبون الحكومة بتخفيف قواعد الهجرة. وقال وولفسون الشهر الماضي في مقابلة مع شبكة «بي بي سي» إنّ هذا «بالتأكيد ليس بريكست الذي أردته». وبينما تُعد المملكة المتحدة الدولة الوحيدة بين دول مجموعة السبع التي لم تعُد بعد إلى الناتج المحلّي الإجمالي قبل الوباء، فإنّ مكتب مسؤولية الموازنة يقدّر أنّ مغادرة الاتحاد الأوروبي ستقلّل من حجم الاقتصاد البريطاني بنحو 4 في المئة على المدى الطويل. (أ ف ب)