تمكنت سناء محمود أخيراً من الوصول إلى القاهرة، والنجاة بأسرتها من الحرب الدائرة في السودان، لكن ابنتها ما زالت تستيقظ ليلاً، وهي تصرخ بسبب ذكريات الحرب، وإطلاق النار، والضربات الجوية والمعارك التي كانت تدور في الحي السكني، الذي كانت تقطنه في الخرطوم.
وقصة سناء ليست سوى نذر يسير من صدمة يعانيها مئات الآلاف من الأطفال في السودان؛ حيث يخوض الجيش وقوات الدعم السريع صراعاً دامياً منذ أسابيع أودى بحياة المئات.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، إن الوضع التعليمي والثقافي للأطفال في السودان يتدهور بشدة، مشيرة إلى أن مئات الآلاف من الأطفال اضطروا لمغادرة مساكنهم؛ بسبب احتدام القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأكدت «يونيسيف» مقتل 190 طفلاً خلال الأيام العشرة الأولى من النزاع فحسب، فضلاً عن إصابة نحو ألفين.
وتحت وابل القصف وعلى وقع المعارك في المناطق المدنية، غادر نحو 370 ألف طفل منازلهم مكرهين. وذكر المصدر أن ما يزيد على 80 ألفاً من هؤلاء توجهوا إلى دول في المنطقة. وقبل اندلاع النزاع، كان 7 ملايين طفل يعيشون دون تعليم، وأزيد من نصف مليون يعانون سوء التغذية الحاد.
هذه الأعداد حالياً في طريقها للزيادة؛ حيث تسبّبت الأزمة في إغلاق المؤسسات التعليمية ونقص الإمدادات الغذائية. وتعميقاً للأزمة، احترق مصنع «ساميل للأغذية»، بعد أن كان مساهماً في عمليات «يونيسيف» وبرنامج الأغذية العالمي. وكان المصنع «شراكة سودانية – فرنسية»، يغطي احتياجات البلاد، وبعض دول المنطقة من أغذية الأطفال.
وقالت مانديب أوبراين، مديرة يونيسيف في السودان: «قبل الصراع كان لدينا بالفعل سبعة ملايين طفل بلا تعليم في سن الالتحاق بالمدارس، وتتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاماً. كان لدينا بالفعل 611 ألف طفل تحت سن الخامسة، ويعانون من سوء التغذية الحاد، وثلاثة ملايين طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية إجمالاً».
وأضافت: «وفي ظل هذا الصراع شهدنا إغلاقاً للمدارس والمؤسسات التعليمية في عموم البلاد». وأردفت قائلة: «يعيش الأطفال محنة رهيبة خاصة في المناطق الساخنة في هذا الصراع، بسبب القصف المستمر وتبادل إطلاق النار. شهدنا هذا وعايشناه بأنفسنا».
وفي مدينة بورتسودان التي تطل على البحر الأحمر، حيث فر الآلاف إليها أملاً في الإجلاء، تطوعت مجموعة من الفنانين لتنظيم أنشطة ترفيهية للأطفال بغية التخفيف عنهم، وحرصاً على صحتهم النفسية. وقالت رئيسة قسم الصحة النفسية التابع لوزارة الصحة السودانية في ولاية البحر الأحمر: «عندنا كمية من الحالات.. أطفال عندهم اضطراب ما بعد الصدمة. تمت إحالتهم إلى المستشفى النفسي، وما نستطيع فعله حالياً هو أن ندعمهم ونخفف عنهم». (وكالات)